منتديات ArabiaWeather.Com - عرض مشاركة واحدة - علاقة علي بن أبي طالب بأبي بكر الصديق رضي الله عنهما
عرض مشاركة واحدة
[ 08-22-2016 ]   رقم المشاركة 4

 

 

الصورة الرمزية mohamadamin

تاريخ التسجيل: Feb 2009

رقم العضوية: 2643

المشاركات: 513

الدولة/المدينة: عمان- مرج الحمام

الارتفاع عن سطح البحر: 900 - 1000 متر

شكراً: 95
تم شكره 194 مرة في 113 مشاركة

افتراضي رد: علاقة علي بن أبي طالب بأبي بكر الصديق رضي الله عنهما

زعمهم أن منع الإرث والاستدلال بهذا الحديث مخالف لقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [النمل: من الآية 16]، ومخالف لما حكاه الله عن نبيه زكريا عليه السلام: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم[ ] :5-6].حيث قالوا: إن الميراث[ ] يقتضي الأموال وما في معناه، وليس لأحد أن يقول إن المراد بالآية العلم دون[ ] المال.

ويُجاب على ذلك بما يلي: إن الإرث اسم جنس يدخل تحته أنواع، فيستعمل في إرث العلم والنبوة[ ] والملك وغير ذلك من أنواع الانتقال. قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: من الآية 32]، وقال تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون:10-11] وغير ذلك من الآيات الواردة في هذا الشأن، وإذا كان كذلك فقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ}، وقوله: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} إنما يدل على جنس الإرث، ولا يدل على إرث المال، وذلك أن داود عليه السلام كان له أولاد كثيرون غير سليمان فلا يختص سليمان بماله، فدل على أن المراد بهذا الإرث إرث العلم والنبوة[ ] ونحو ذلك، لا إرث المال، والآية سيقت في بيان مدح سليمان وما خصه الله به من النعمة، وحصر الإرث في المال لا مدح فيه؛ إذ إن إرث المال من الأمور العادية المشتركة بين الناس، وكذلك قوله تعالى: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} ليس المراد به إرث المال؛ لأنه لا يرث آل يعقوب شيئًا من أموالهم، وإنما يرث ذلك منهم أولادهم وسائر ورثتهم لو ورثوا.

كما أن قوله: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي} [مريم[ ] : من الآية 5]، لا يدل على أن الإرث إرث مال؛ لأن زكريا لم يخف أن يأخذوا ماله من بعده إذا مات، فإن هذا ليس بمخوف، وزكريا عليه السلام لم يعرف له مال، بل كان تاجرًا يأكل من كسب يده كما في صحيح مسلم[ ] ، ولم يكن ليدخر منها فوق قوته حتى يسأل الله ولدًا يرث عنه ماله، فدل على أن المراد بالوراثة في هاتين الآيتين وراثة النبوة، والقيام مقامه.

يقول القرطبي في تفسيره للآية: "وعليه فلم يسل من يرث ماله؛ لأن الأنبياء لا تورث، وهذا هو الصحيح من القولين في تأويل الآية، وأنه عليه الصلاة والسلام أراد وراثة العلم والنبوة[ ] ، لا وراثة المال لما ثبت عن النبي[ ] صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنا معشر الأنبياء لا نورّث، ما تركنا صدقة»، وهذا الحديث يدخل في التفسير[ ] المسند لقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ}، وعبارة عن قول زكريا: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}، وتخصيص للعموم في ذلك، وإن سليمان لم يرث من داود مالاً خلّفه داود بعده. وإنما ورث منه الحكمة والعلم، وكذلك ورث يحيى من آل يعقوب، وهكذا قال أهل العلم بتأويل[ ] القرآن ما عدا الروافض.

ومما تجدر الإشارة إليه أن الرافضة خالفوا ما استدلوا به على وجوب الميراث[ ] ، وذلك أنهم حصروا ميراثه صلى الله عليه وسلم في فاطمة رضي الله عنه فزعموا أنه لم يرث النبي[ ] صلى الله عليه وسلم إلاّ هي، فأخرجوا أزواجه وعصبته مخالفين عموم الآيات التي استدلوا بها، فقد روى الصدوق بسنده عن أبي جعفر الباقر قوله: "لا والله ما ورث رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس ولا علي، ولا ورثته إلاّ فاطمة عليها السلام، وما كان أخذ علي عليه السلام السلاح وغيره إلاّ أنه قضى عنه دينه".

وروى الكليني والصدوق والطوسي بأسانيدهم إلى الباقر أيضًا قوله: "وَورث علي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه، وورثت فاطمة عليها السلام تركته"، بل وأخرجوا فاطمة من ذلك، حيث زعموا أن النساء[ ] لا يرثن العقار، فقد بوب الكليني في كتابه الكافي بابًا بعنوان: "إن النساء[ ] لا يرثن من العقار شيئًا"، وساق تحته روايات منها: "عن أبي جعفر الصادق إنه قال: النساء[ ] لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئًا".

روى الصدوق بسنده إلى ميسر قال: "سألته -يقصد الصادق- عن النساء[ ] ما لهن في الميراث[ ] ؟ فقال: أما الأرض والعقارات فلا ميراث فيه"، وبهذا يتبين عدم استحقاق فاطمة رضي الله عنها شيئًا من الميراث[ ] ، بدون الاستدلال بحديث: «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث»، فما دامت المرأة[ ] لا ترث العقار والأرض، فكيف كان لفاطمة أن تسأل فدك -على حسب قولهم-، وهي عقار لا ريب فيه، وهذا دليل كذبهم وتناقضهم فضلاً عن جهلهم.

وأما ما زعموه من كون الصديق رضي الله عنه سأل فاطمة أن تحضر شهودًا، فأحضرت عليًا وأم أيمن فلم يقبل شهادتهما، فهو من الكذب[ ] البين الواضح، قال حماد بن إسحاق: "فأما ما يحكيه قوم أن فاطمة عليها السلام طلبت فدك، وذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعها إياها، وشهد لها علي عليه السلام فلم يقبل أبو بكر شهادته لأنه زوجها، فهذا أمر لا أصل له ولا تثبت به رواية أنها ادّعت ذلك، وإنما هو أمر مفتعل لا ثبت فيه".

4- أن السنة والإجماع قد دلاّ على أن النبي[ ] صلى الله عليه وسلم لا يورث، قال ابن تيمية[ ] : "كون النبي[ ] صلى الله عليه وسلم لا يورث ثبت بالسنة المقطوع بها، وبإجماع الصحابة[ ] ، وكل منها دليل قطعي، فلا يعارض ذلك بما يُظن أنه عموم، وإن كان عمومًا فهو مخصوص؛ لأن ذلك لو كان دليلاً لما كان إلاّ ظنيًا فلا يعارض القطعي؛ إذ الظني لا يعارض القطعي، وذلك أن هذا الخبر رواه غير واحد من الصحابة[ ] في أوقات ومجالس، وليس فيهم من ينكره، بل كلهم تلقاه بالقبول والتصديق، ولهذا لم يصر أحد من أزواجه على طلب الميراث[ ] ، ولا أصرّ العمّ على طلب الميراث[ ] ، بل لما طلب من ذلك شيئًا فأخبر بقول النبي[ ] صلى الله عليه وسلم رجع عن طلبه، واستمر الأمر على ذلك على عهد الخلفاء الراشدين إلى علي، فلم يغير شيئًا ولا قسم له تركة".

قال ابن تيمية[ ] : "قد تولى الخلافة (عليّ) بعد ذي النورين عثمان، وصار فدك وغيرها تحت حكمه، ولم يعط منها شيئًا لأحد من أولاد فاطمة، ولا من زوجات النبي[ ] صلى الله عليه وسلم ولا ولد العباس، فلو كان ظلمًا وقدر على إزالته لكان هذا أهون عليه من قتال معاوية وجيوشه، أفتراه يقاتل معاوية مع ما جرى في ذلك من الشر العظيم، ولا يعطي هؤلاء قليلاً من المال، وأمره أهون بكثير"؟!

وبإجماع الخلفاء الراشدين على ذلك احتج الخليفة العباسي أبو العباس السفاح على بعض مناظريه في هذه المسألة على ما نقل ابن الجوزي في تلبيس إبليس قال: "وقد روينا عن السفاح أنه خطب يومًا فقام رجل من آل علي رضي الله عنه قال: إنا من أولاد علي رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين، أعني على من ظلمني. قال: ومن ظلمك؟ قال: أنا من أولاد علي رضي الله عنه والذي ظلمني أبو بكر رضي الله عنه حين أخذ فدك من فاطمة، وقال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ قال: عمر رضي الله عنه قال: ودام على ظلمكم. قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ قال عثمان رضي الله عنه قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ فجعل يلتفت كذا وكذا ينظر مكانًا يهرب منه".

وبتصويب أبي بكر رضي الله عنه في اجتهاده صرَّح بعض أولاد علي من فاطمة رضي الله عنهما على ما روى البيهقي بسنده عن فضيل بن مرزوق قال: "قال زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: أما لو كنت مكان أبي بكر، لحكمت بما حكم به أبو بكر في فدك"، كما نقل أبو العباس القرطبي اتفاق أهل البيت بدءًا بعلي رضي الله عنه ومن جاء بعده من أولاده، ثم أولاد العباس الذين كانت بأيديهم صدقة رسول الله، إنهم ما كانوا يرون تملكها، إنما كانوا ينفقونها في سبيل الله، قال رحمه الله: "إن عليًا لما ولي الخلافة ولم يغيرها عما عمل فيها في عهد أبي بكر وعمر، وعثمان، ولم يتعرض لتملكها، ولا لقسمة شيء منها، بل كان يصرفها في الوجوه التي كان من قبله يصرفها فيها، ثم كانت بيد حسن بن علي، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن الحسين، ثم بيد الحسين بن الحسن، ثم بيد زيد بن الحسين، ثم بيد عبد الله بن الحسين، ثم تولاها بنو العباس على ما ذكره أبو بكر البرقاني في صحيحه، وهؤلاء كبراء أهل البيت رضي الله عنهم وهم معتمدون عند الشيعة[ ] وأئمتهم، لم يرو عن واحد منهم أنه تملكها ولا ورثها ولا ورثت عنه، فلو كان ما يقوله الشيعة[ ] حقًا لأخذها علي أو أحد من أهل بيته لما ظفروا بها".

وقال ابن تيمية[ ] : "قد تولّى (عليّ) الخلافة بعد ذي النورين عثمان، وصارت فدك وغيرها تحت حكمه، ولم يعط منها شيئًا لأحد من أولاد فاطمة، ولا من زوجات النبي[ ] صلى الله عليه وسلم، ولا ولد العباس، فلو كان ظلمًا وقدر على إزالته لكان هذا أهون عليه من قتال معاوية وجيوشه، أفتراه يقاتل معاوية مع ما جرى في ذلك من الشر العظيم، ولا يعطي هؤلاء قليلاً من المال، وأمره أهون بكثير"؟

وقال ابن كثير[ ] : "وقد تكلمت الرافضة في هذا المقام بجهل، وتكلفوا ما لا علم لهم به، وكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، ولما يأتهم تأويله، وأدخلوا أنفسهم فيما لا يعنيهم، فلو تفهموا الأمور على ما هي عليه لعرفوا للصديق فضله، وقبلوا منه عذره الذي يجب على كل أحد قبوله، ولكنهم طائفة مخذولة، وفرقة مرذولة، يتمسكون بالمتشابهة، ويتركون الأمور المقررة عند أئمة الإسلام من الصحابة[ ] والتابعين من بعدهم من العلماء[ ] المعتبرين في سائر الأعصار والأمصار، رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين".

5- تسامح السيدة فاطمة مع أبي بكر: وقد ثبت عن فاطمة رضي الله عنها أنها رضيت عن أبي بكر بعد ذلك، وماتت وهي راضية عنه، على ما روى البيهقي بسنده عن الشعبي أنه قال: "لما مرضت فاطمة أتاها أبو بكر الصديق[ ] فاستأذن عليها، فقال علي: يا فاطمة، هذا أبو بكر يستأذن عليك؟ فقالت: أتحبِّ أن آذن له؟ قال: نعم، فأذنت له، فدخل عليها يترضاها، فقال: والله ما تركت الدار والمال، والأهل والعشيرة، إلاّ ابتغاء مرضاة الله، ومرضاة رسوله، ومرضاتكم أهل البيت، ثم ترضَّاها حتى رضيت". قال ابن كثير[ ] : "وهذا إسناد جيد قوي، والظاهر أن عامر الشعبي سمعه من علي، أو ممن سمعه من علي".

وبهذا تندحض مطاعن الرافضة على أبي بكر التي يعلقونها على غضب فاطمة عليه، فلئن كانت غضبت على أبى بكر في بداية الأمر فقد رضيت عنه بعد ذلك، وماتت وهي راضية عنه، ولا يسع أحدًا صادقًا في محبته لها، إلاّ أن يرضى عمن رضيت عنه، ولا يعارض هذا ما ثبت في حديث عائشة[ ] : "إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم من هذا المال، وإني والله لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع لفاطمة منها شيئًا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت".

فإن هذا بحسب علم عائشة[ ] رضي الله عنها رواية الحديث، وفي حديث الشعبي زيادة علم، وثبوت زيارة أبي بكر لها وكلامها له ورضاها عنه، فعائشة رضي الله عنها نفت والشعبي أثبت، ومعلوم لدى العلماء[ ] أن قول المثبت مقدم على قول النافي؛ لأن احتمال الثبوت حصل بغير علم النافي، خصوصًا في مثل هذه المسألة، فإن عيادة أبي بكر لفاطمة رضي الله عنها ليست من الأحداث الكبيرة التي تشيع في الناس، ويطّلع عليها الجميع، وإنما هي من الأمور العادية التي تخفى على من لم يشهدها، والتي لا يعبأ بنقلها لعدم الحاجة لذكرها، على أن الذي ذكره العلماء[ ] أن فاطمة رضي الله عنها لم تتعمد هجر أبي بكر رضي الله عنه أصلاً، ومثلها ينزه عن ذلك لنهي النبي[ ] صلى الله عليه وسلم عن الهجر فوق ثلاث، وإنما لم تكلمه لعدم الحاجة لذلك، قال القرطبي صاحب المفهم في سياق شرحه لحديث عائشة[ ] المتقدم: "ثم إنها -أي فاطمة- لم تلتق بأبي بكر لشغلها بمصيبتها برسول الله صلى الله عليه وسلم ولملازمتها بيتها، فعبر الراوي عن ذلك بالهجران، وإلاّ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث»، وهي أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم، وأبعد الناس عن مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف لا تكون كذلك وهي بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدة نساء أهل الجنة[ ] "؟!




  رد مع اقتباس