اقتباس بتصرف...........
""""موجات الحر في الاردن
الدكتور علي صبري أبو حسين
في الوقت الذي اصبح فية المناخ وحالة الطقس اليومية احدى اهم الاخبار التي يتابعها العديد من المواطنين لما لها من اثر بالغ في حياة الناس ، فان موجات الحر تعتبر احدى الظواهر المناخية
التي تستأثر باهتمام شريحة كبيرة من افراد المجتمع البشري اينما كان ، واصبحت مصطلحا يوميا نتعايش معه بالكثير من الحرص والخوف .
ويعتمد تعريف موجة الحر على متغيرين اساسيين هما شدة الموجة ( وهي مقدار درجة الحرارة ) والمتغير الثاني هي الفترة الزمنية ، فمن حيث الشدة يجب ان لا يقل الارتفاع في درجة الحرارة عن خمس درجات مؤية فوق معدلها العام ، اما من حيث الفترة الزمنية فيجب ان تستمر لفترة لا تقل عن ثلاثة أيام متواصلة ، عند ذلك يمكن تسمية الحالة الجوية بموجة حر :
ويرتبط تأثر الاردن بموجات الحر بالمتغيرات المناخية التالية :
1- إمتداد المنخفض الموسمي :
على الرغم من ان هذا المنخفض يتمدد ليغطي مناطق كثيرة بالعالم الا ان اهم منطقة تظهر بها الرياح الموسمية هي جنوب شرق اسيا وقد قامت النظريات الكلاسيكية لتفسير تكون المنخفض الموسمي على انة يتشكل نتيجة اختلاف الحرارة النوعية لليابس عن الماء الذي يحيط بة ، ويؤدي هذا الاختلاف الى تباين درجة الحرارة فوق كل منهما ، اذ تكون فوق اليابس اكبر واسرع من ارتفاعها فوق المسطحات المائية المحيطة ، لذلك يتكون في فصل الصيف فوق قارة اسيا منطفة ضغط جوي منخفض تندفع اليه الرياح من مناطق الضغط الجوي المرتفع فوق المحيطات المجاورة وهي التي تعرف بالرياح الموسمية الصيفية ، ويتحكم المدى الذي تصل اليه امتداد المنخفض الموسمي باتجاة الرياح السطحية ومدى درجة الحرارة العظمى والرطوبة ، فامتداد هذا المنخفض حتى السواحل الشرقية للبحر المتوسط تؤدي الى تعرض الاردن للرياح الغربية الى الشمالية الغربية المعتدلة ، الا ان انحساره وتراجعه ليتمركز فوق الجزيرة العربية يؤدي الى هبوب رياح شرقية الى شمالية شرقية حارة وجافة نتيجة عبورها لمساحات شاسعة من اليابسة ، مما يؤدي بالنهاية الى تعرض الاردن لموجة حارة تعتمد في شدتها وديمومتها على فترة تمركز هذا المنخفض فوق الجزيرة العربية ، واستمرار تدفق الرياح الشرقية والشمالية الشرقية نحوالمملكة .
2- المنخفض الحراري السعودي :
يؤدي انسحاب المرتفع الازوري وتراجعه خلال فصل الصيف ليستقر فوق مياة المحيط الاطلسي على مقربة من جزر الازور الى ظهور مناطق من الضغط الجوي المنخفض فوق بعض المناطق ومن ضمنها الجزيرة العربية ، حيث يتكون فوق منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية مع نهاية فصل الربيع وبداية شهر حزيران منخفض جوي سطحي يعتبر امتداداً للمنخفض الموسمي الذي يسيطر في هذا الفصل على شرق اسيا ، ويمتد تأثير هذا المنخفض الى كل الدول الواقعة الى الشرق من البحر الابيض المتوسط ، ويمتد تأثيرة ليصل الى شمال اليونان وايطاليا أحيانا .
وعند سيطرة هذا المنخفض تتاثر الاردن برياح شرقية الى شمالية شرقية حارة وجافة ومغبرة احيانا بسبب عبورها لمسافات شاسعة من اليابسة الصحراوية وبالتالي تتأثر المملكة بموجة حارة تعتمد في شدتها وديمومتها على مدى تحدر الضغط الجوي ما بين مركز المنخفض واطرافة وبالتالي عمق هذا المنخفض واستمرارية سيطرتة .
3- إمتداد المرتفع الازوري :
يتأثر الاردن في نهاية فصل الربيع وبداية فصل الصيف بامتداد نتؤات المرتفع الجوي الذي يسود شمال افريقيا وتؤدي حركة هذا النتؤء نحو الشرق و الشمال الشرقي الى تراجع منخفض الهند الموسمي وتراجعه نحو الشرق .
ويبقى الضغط الجوي مرتفعاً طوال العام في منطقة جزر الآزور ، ولكن المدى الحقيقي لهذا الارتفاع يختلف باختلاف فصول السنة ، ويرتبط ارتباطا مباشراً بحركة الشمس الظاهرية ما بين مدار السرطان في الشمال و مدار الجدي في الجنوب ، فمع رحلة الشمس شمالاً نحو مدار السرطان نجد أن الضغط الجوي يزداد زيادة ملحوظة في مركز المرتفع ، فتزداد قيم الضغط الجوي بالارتفاع نتيجة لزيادة التدرج الحراري ما بين مياه المحيط الأطلسي ويابسة الصحراء الكبرى ، حيث ترتفع درجة الحرارة فوق الصحراء الكبرى (اليابس) بمستوى اكبر وأسرع من مياه المحيـط الأطلسي ، مما يؤدي إلى اختلاف كبير في درجة الحرارة ما بيـن المنطقتين رغم وجودهما في منطقة عروض واحدة ، وهذا الاختــلاف ينعكس مباشرة على الضغط الـجوي واختلافهما ما بين المرتفع الجوي فوق مياه المحيط الأطلسي والمنخفض الجوي فوق الصحراء الكبرى .
وكما يتذبذب موقع هذا المرتفع الجوي ما بين الشمال والجنوب خلال فصلي الصيف والشتاء ، فانه يتذبذب أيضا ما بين الشرق والغرب نتيجة الاختلافات اليومية في قيم الضغط الجوي ما بين مركز المرتفع الجوي وأطرافه ، مما يسمح له بالامتداد شرقاً عبر الصحراء الكبرى ليغطي أجزاء واسعة من الجزيرة العربية ، فتهب على الأردن رياح جنوبية إلى جنوبية شرقية حارة وجافة . ويؤدي انحسار وتراجع هذا المرتفع غرباً عبر الصحراء الكبرى إلى امتداد المنخفض الموسمي أو المنخفض الحراري السعودي وتأثيره على الأردن .
4 – امتداد منخفض البحر الأحمر :
يتكون فوق البحرالأحمر خلال الخريف والشتاء منخفض سطحي يفصل بين مراكز الضغط الجوي المرتفع في الجزيرة العربيـة وشمال إفريقيـا . وبالرغم من كون ذلك المنخفض ظاهرة جوية دائمة تنشأ من التقاء رياح شمالية غربية باردة قادمة من حوض البحر المتوسط مع رياح جنوبية شرقية مدارية دافئة أو حارة ، فان تأثيره على مناخ الأردن لا يظهر إلا مع بداية فصل الخريف ، ويرجع ذلك إلى أن مركز ذلك الحوض الذي يمثل منطقة تجمعّ للتيارات الهوائية الباردة والدافئـة يتزحزح مع بداية فصل الخريف نحو الشمال بحيث يقـع في الشتاء قبالة ميناء بورسودان ، ويتزحزح في الصيف نحو الجنوب بحيث يتمركز في منتصف الصيف قبالة ميناء واساوا في أثيوبيا .
لذلك ما أن يبدأ فصل الخريف في نهاية شهر أيلول ، حتى يبدأ المنخفض الموسمي بالامتلاء والتراجع نحو الشرق ، وتبدأ درجة حرارة اليابس بالانخفاض التدريجي بينما تبقى مياه البحر الأحمر دافئة ، فيتكون ما يعرف بأخدود منخفض البحر الأحمر الذي يفصل بين مراكز الضغط الجوي المرتفع في الجزيرة العربية وشمال أفريقيا ، وتمتاز بالتعمق والامتداد نحو الشمال أو الامتلاء والانحسار نحو الجنوب ، حيث تؤدي الرياح الجنوبية إلى الجنوبية الشرقية إلى تغذيته وتعمقه وامتداده شمالاً لتسيطر على الأردن رياح جنوبية إلى جنوبية شرقية دافئة أو حارة وجافة تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العظمى .
وتتحكم الحالة الجوية في طبقات الجو العليا بالحالة السطحية التي يمكن أن تصاحب امتداد منخفض البحر الأحمر ، فإذا اقترنت الرياح السطحية والمصاحبة لامتداد منخفض البحر الأحمر بتدفق هواء بارد في طبقـات الجو العليا ، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة فعاليـة (ديناميكية) المنخفض السطحي وتطور حالة عدم استقرار جوي تعتمد في شدتها على الفرق في درجة الحرارة ما بين الرياح السطحية والرياح في طبقات الجو العليا وكمية الرطوبة في الغلاف الجوي . أما إذا صاحب امتداد أخدود منخفض البحر الأحمر نحو الشمال متن مرتفع جوي في طبقات الجو العليا ، فأن ذلك يؤدي إلى هبوط الهواء الساخن من المتن العلوي ويحد من حالة عدم الاستقرار التي يمكن أن تصاحبه ، ويقتصر تأثيره على ارتفاع درجات الحرارة العظمى لفترات قد تزيد عن 3 أيام ، مما يؤدي إلى تأثر الأردن موجات حر يقتصر تأثيرها خلال شهر تشرين أول فقط .
5 - المنخفضات الخماسينية :
نظراً لموقع الأردن في الجزء الجنوبي الشرقي لحوض البحر المتوسط فإنه يتأثر بالعديد من المنخفضات الخماسينية التي تصل إلى ذلك الحوض ، وما يصاحبها من ظاهرات جوية مختلفة ، ويمكن تلخيص أهم النظريات التي تناولت نشأة وتكون هذه المنخفضات ومساراتها بما يلي :-
تعرف المنخفضات التي تتكون على سفوح جبال أطلس بالمنخفضات الخماسينية ، لأنـة يغلب تكونها في فصل الربيع خاصة في الخمسين يوماً التي تعقب الاعتدال الربيعي مباشرة ، ويكثر تكون المنخفضات الخماسينية في تلك الفترة لان حرارة مياه البحر المتوسط تكون وقتئذ أقل من حرارة اليابسة ، كما أن موقع جبهة البحر المتوسط (Mediterranean Front) التي تنشأ عليها معظم المنخفضات يكون قد تزحزح نحو الجنوب الغربي من الصحراء الكبرى ، وتتعزز احتمالات تكون المنخفضات الخماسينية عندما يغطي هواء قطبي بارد كل البحر المتوسط ويمتد جنوباً نحو الصحراء الكبرى ، إذ أن ذلك يؤدي إلى تكون ضغط جوي مرتفع في الجزء الشمالي من البحر المتوسط ويجعل المنخفضات الخماسينية المنخفضات الوحيدة التي يتحمل تكونها في تلك الظروف .
تنشأ المنخفضات الخماسينية في فصل الربيع ، حيث تكون درجة حرارة البحر المتوسط أبرد من درجة حرارة اليابس الإفريقي مما يؤدي إلى وجود حالة من الباروكلينية Baroclinic ، فينتج عنها عدم استقرار ديناميكي بسبب الاختلاف الحراري للكتل الهوائية ، فتؤدي هذه الحالة إلى تكون المنخفض الخماسيني ، الذي يتحرك على طول الخط الباروكليني الذي يفصل بين الهواء البارد فوق البحر المتوسط والهواء الحار فوق اليابس الإفريقي .
تنشأ المنخفضات الخماسينية نتيجة لوجود جبال أطلس في الشمال الغربي للقارة الإفريقية ، حيث تؤدي هذه الجبال دوراً ديناميكياً في زيادة الحركة الإعصارية للرياح في المنطقة الخلفية لجبال أطلس .
ولا تعتبر المنخفضات الخماسينية من أنظمة الضغط الرئيسية التي تؤدي إلى حدوث موجات الحر في الأردن ، حيث يقتصر تأثيرها غالباً في أشهر نيسان وأيار وبدايـة شهر حزيران حيث يتوقف تأثيرها في العادة بعد هذا التاريخ . وتحدث الموجات الحارة عندما يقع الأردن تحت تأثير الجبهة الحارة أو ضمن القطاع الدافئ (Warm Sector) لبعض المنخفضات الخماسينية الجافة التي تسلك مساراً جنوبياً فوق الساحل الشمالي لإفريقيا يرافقها في طبقات الجو العليا امتداد لمرتفع جوي يؤدي إلى هبوط الرياح الحارة (Subsidence ) من طبقات الجو العليا نحو السطح ، ولفترة تستمر ثلاثة أيام أو اكثر مؤدية إلى ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها وبالتالي تأثر الأردن موجة حارة ،
6- حالة طبقات الجو العليا :
ترتبط أنظمة الطقس السطحية وما يصاحبها من ظواهر مناخية مختلفة ومن بينها موجات الحر ، ترتبط هذه الأنظمة ارتباطاً وثيقاً بحالة الغلاف الجوي لتؤدي في النهاية إلى النمط العام الذي تسود فيه موجة الحر من حيث عمر الحالة وشدتها ومدى امتدادها الأفقي ، وتتمثل الحالات العامة للغلاف الجوي بوجود الحالات التالية :-
أ- وجود مرتفع جوي :-
يصاحب أنظمة الطقس السطحية في بعض الاحيان وجود مرتفع في طبقات الجو العليا أو امتداده على مستوى 500 هكتوبسكال ، وتودي هذه الحالة إلى هبوط الهواء الساخن من الارتفاعات المختلفة إلى سطح الأرض . وقد تم التعرف على هذا النوع من خلال تحليل خرائط التيفجرام بتحليل مقطع عمودي للهواء فوق المنطقة ، حيث لوحظ أن درجة الحرارة تبدأ بالارتفاع في طبقات الجو العليا قبل أن يصل إلى الطبقة السطحية ، فيلاحظ أن درجة الحرارة قد تجاوزت معدلها على ارتفاع 500 هكتوبسكال في بداية تأثير موجة الحر ، وفي اليوم التالي يهبط الهواء إلى الارتفاع الأدنى 700 هكتوبسكال ، وفي اليوم الذي يليه يهبط الهواء الحار إلى مستوى أقل 850 هكتوبسكال ثم إلى سطح الأرض وهنا تصل الموجة الحارة إلى قمة تأثيرها .
ب- وجود امتداد حوض علوي بارد :-
يصاحب بعض أنظمة الطقس السطحية والتي تؤدي إلى موجات الحر في الأردن وجود امتداد حوض علوي بارد في طبقات الجو العليا ، يؤدي إلى حصر الرياح الحارة في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي فقط ، وبالتالي تعتمد درجة الحرارة السطحية في هذه الحالة على مصدر الرياح والمسار الذي تسلكه للوصول إلى الأردن ، والمسطحات التي تمر فوقها من حيث نوعها وطبوغرافيتها .
ويلاحظ في هذه الحالة أن الامتداد العمودي لدرجات الحرارة يكون محدوداً في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي ، بحيث لا تتجاوز درجة الحرارة فوق مستوى 850 هكتوبسكال معدلاتها السنوية .
وتؤدي هذه الحالة عادة إلى وجود حركه عمودية للهواء الساخن إلى الأعلى تعمل على تشتيت الرياح السطحية الحارة إلى الأعلى ليحل محلها رياح أقل حرارة ، وبالتالي تكاثف ما في الهواء من بخار ماء وتشكل الغيوم الركاميه ، والتي قد تؤدي إلى هطول زخات رعدية من المطر في بعض المناطق ، قد يصحبها الرعد أحياناُ .
ومن العلاقة ما بين أنظمة الطقس السطحية وحالة طبقات الجو العليا يمكن تصنيف موجات الحر التي تؤثر على الأردن حسب ميكانيكية حركة الهواء ومدى انتشارها إلى الأصناف التالية :-
1- النوع الأول :- التيارات الهابطة للهواء الساخن
في هذا النوع يهبط الهواء الساخن من طبقات الجو العليا نحو السطح نتيجة وجود مرتفع جوي أو امتداده في طبقات الجو العليا 500 هكتوبسكال يصاحب الحالة الجوية السطحية ، وبهبوط الهواء ترتفع درجة حرارته ، لذلك تمتاز هذه الحالة بانقشاع السحب وصفاء السماء وشدة الإشعاع الشمسي وهدوء الرياح ، وشمولية وشدة تأثيرها على معظم مناطق الأردن ، وكذلك فإن تأثيرها يدوم لفترة أطول ، ويصل إلى المناطق المرتفعة التي تتأثر بالموجة الحارة قبل المناطق السهلية أو الغورية المنخفضة .
2- النوع الثاني :- الانتقال الأفقي للهواء الساخن
هنا تنتقل الرياح الحارة أو الساخنة أفقياً باتجاه الأردن من منطقه إلى أخرى ، وتكون الرياح الشرقية والجنوبية الشرقية السبب في تكون موجة الحر ، حيث تقطع مسافات طويلة فوق اليابس فتجف وترتفع درجة حرارتها ، وعادة ما يصاحب هذا النوع وجود حوض علوي بارد أو امتداده في طبقات الجو العليا 500 هكتوبسكال ، يؤدي إلى حصر الرياح الساخنة في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي فقط ، وتمتاز هذه الحالة بمحدودية تأثيرها المكاني والزماني ، وقد يصاحبها أحياناً حالة من عدم الاستقرار الجوي تؤدي إلى هطول بعض الأمطار على بعض المناطق خاصة في فترات المساء . """"
اتمنى ان يكون الموضوع قيم وشيق
العرض العادي
