علامات الساعة الكبرى الجزء الثالث والرابع(الاخير) - منتديات ArabiaWeather.Com

العودة   منتديات ArabiaWeather.Com > المنتديات العامة (استراحة المنتدى) > المنتدى العام و تعارف الأعضاء > المنتدى الاسلامي

الملاحظات

المنتدى الاسلامي الموسوعة الدينية و يختص بالتعريف بالدين الأسلامي وكل ما يتعلق به

الاخبــــار

رد

 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
[ 02-13-2016 ]   رقم المشاركة 1

 

 

الصورة الرمزية محمد فخري

تاريخ التسجيل: Aug 2015

رقم العضوية: 164428

المشاركات: 1,072

الدولة/المدينة: شمال قطاع غزة

الارتفاع عن سطح البحر: اقل من 500 متر

شكراً: 8,717
تم شكره 5,559 مرة في 1,058 مشاركة

أشراط الساعة الكبرى 3

ناصر محمد الأحمد

ملخص الخطبة

1- حال بعض الناس بعد هلاك يأجوج ومأجوج 2- بعث الله ريحاً طيبة تقبض روح كل مسلم ولا يبقى إلا شرار الخلق 3- وقوع خسوفات ثلاثة قبل قيام الساعة 4- هدم الكعبة في آخر الزمان على يد رجل من الحبشة والحكمة من ذلك 5- ظهور الدخان وظهور الدابة وطلوع الشمس من مغربها.

الخطبة الأولى





أما بعد:

وما زلنا نتحدث عن أشراط الساعة الكبرى.

أيها المسلمون: وصلنا في الجمعة الماضية أن نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم يكون رحمة من الله بهذه الأمة وتفريجاً لها من أعظم كربها وهو فتنة الدجال، ثم يُبتلى الناس بعدها بيأجوج ومأجوج، وأيضاً يهلكهم الله بدعاء عيسى عليه السلام عليهم بعد أن يشاء لهم أن يبقوا في الأرض ما يبقوا، ويعيثوا فيها الفساد، وذكرنا بأن الأمة بعد ذلك تمر عليها فترة من الفترات الذهبية، برجوع الناس للدين وتحكيم الشريعة وارتفاع راية الاسلام واندحار الكفر وأهله، وحصول أمن ورخاء عجيب، حتى أن الحيوانات التي كانت تضر لاتضر فيلعب الصبيان بالحيات كما ورد بذلك الحديث.

وبعد هذا الانتشار العظيم للإسلام الذي يعم مشارق الأرض ومغاربها، يقدر الله تعالى بأن يضعف الإسلام مرة أخرى وينتفش الشر ويظهر ويعلو، وذلك قبيل قيام الساعة، عندها يختار الله تعالى لهذا الدين أن يرفع من الأرض فيرفع القرآن ويذهب العلم وتحصل بعدها أشراط الساعة الكبار كما سيأتي وبعدها يقبض الله تعالى نفس من كان في قلبه بقية من إيمان حتى إذا لم يبقى على وجه الأرض إلا شرار الخلق، وعليهم تقوم الساعة. عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا)) رواه ابن ماجة والحاكم وسنده صحيح. وحتى هذه البقية الباقية التي لاتعرف من الدين إلا كلمة لا إله إلا الله تفنى وتبيد، ففي صحيح مسلم عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)). وذهاب هذه البقية الصالحة يكون عن طريق بعث ريح من اليمن وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها ألين من الحرير فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته. عن النواس بن سمعان قال: ((فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ)) رواه مسلم. وروى البخاري عن مرداس الأسلمي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يذهب الصالحون الأول فالأول، وتبقى حثالة كحثالة الشعير أو التمر، لا يباليهم الله بالة)). وبعد انبعاث هذه الريح تنقطع عبادة الحج فلا حج ولا عمرة. ترجع البشرية بعدها إلى جاهليتها الأولى أو أشد ويعود عبادة الأوثان، ويعبد الناس اللات والعزى مرة أخرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: ((فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لايعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا، فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: ما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان)). ويتدنى المستوى الأخلاقي تدنياً هائلاً فقد أخرج البزار وابن حبان بسند صحيح عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطريق تسافد الحمير، قلت: إن ذلك لكائن؟ قال: نعم، ليكونن)). وقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لاتفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذٍ من يقول: هلاّ واريتها وراء هذا الحائط)).

أيها المسلمون: يظهر بعدها علامة كبرى، وهي الخسوفات الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب كما في حديث حذيفة بن أسيد في صحيح مسلم. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيكون بعدي خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب. قلت: يا رسول الله! أيُخسف بالأرض وفيها الصالحون؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أكثر أهلها الخبث)).

وهذه الخسوفات لم تقع بعد كغيرها من أشراط الساعة الكبرى التي لم يظهر شئ منها، وما حدث من بعض الخسف في أماكن متفرقة من الأرض وفي أزمان متباعدة فذلك كان من أشراط الساعة الصغرى قال ابن حجر رحمه الله: وقد وجد الخسف في مواضع ولكن يحتمل أن يكون المراد بالخسوف الثلاثة قدراً زائداً على ما وجد كأن يكون أعظم منه مكاناً أو قدراً[1].

أيها المسلمون: ومن علامات الساعة الكبرى هدم الكعبة المشرفة والقبلة المعظمة: فالكعبة التي يصلى إليها المسلمون اليوم تهدم في آخر الزمان يسلط الله عليها رجلاً أسوداً من الحبشة يسمى ذو السويقتين لصغر ساقيه ورقتهما، وسوف يهدمها حجراً حجراً ويجردها من كسوتها ويسلبها حليها.

وقد يقال كيف يهدمها وقد جعل الله مكة حرماً آمناً؟ قال الله تعالى: أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً . وقال سبحانه: ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وقد حماه الله تعالى من أصحاب الفيل وهم حينئذٍ كفار مشركون فكيف يسلط عليه هذا الرجل وهو قبلة المسلمين؟

الجواب: أولاً: أنه يبقى حرماً آمناً، هذا سيكون إلى قرب قيام الساعة، وليس إلى قيام الساعة وخراب الدنيا، وليس في الآية استمرار بقاء الأمن إلى قيام الساعة. ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار في حديث صحيح وهو حديث أبي هريرة عند الإمام أحمد أنه سيستحل هذا البيت أهله فقال: ((يُبايع لرجل ما بين الركن والمقام، ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا يسأل عن هلكة العرب، ثم تأتي الحبشة فيخربونه خراباً لايعمر بعده أبداً، وهم الذين يستخرجون كنزه)). ففي زمن أصحاب الفيل مع أنهم كانوا كفاراً فما كانوا قد استحلوا البيت فمنعه الله عز وجل منهم. وأما ذو السويقتين الحبشي فلن يهدمه إلا بعد استحلال أهله له، وقد استحل المسلمون الحرم والكعبة عدة مرات، أولها جيش يزيد بن معاوية بأمره، ثم الحجاج في زمن عبدالملك بن مروان بأمره، فسلط الله عليه القرامطة فقتلوا من المسلمين في المطاف ما لا يحصى وقلعوا الحجر الأسود ونقلوه إلى بلادهم، وبقي معهم أكثر من عشرين سنة، فلما وقع استحلاله من أهله مراراً مكّن الله غيرهم من ذلك عقوبة لهم.

ومن أشراط الساعة الكبرى ظهور الدخان، وهذا ثابت بالكتاب والسنة قال الله تعالى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أليم قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما هو دخان قبل قيام الساعة يدخل أسماع الكفار والمنافقين ويعتري المؤمن كهيئة الزكام. أخرج مسلم من حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر فقال: ((وما تذاكرون؟ قالوا: الساعة يا رسول الله، قال إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات. فذكر منها الدخان)).

وسيملأ هذا الدخان ما بين المشرق والمغرب ويمكث في الأرض أربعين يوماً فأما المؤمن فيصيبه منه مثل الزكام، وأما الكافر فيدخل فيه هذا الدخان فينتفخ حتى يخرج منه من كل جهة: من فيه ومنخريه وعينيه وأذنيه ودبره. ولا شك أن هذا ابتلاء من الله من جملة الابتلاءات لهذه الأمة في آخر الزمان، ولو تتبعنا بقية الآيات لربما أدركنا شيئاً من حكمة ذلك: وهو البعد عن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسمع وتأمل قال الله تعالى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ أَنَّى لَهُمْ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ .

ومن أشراط الساعة: ظهور دابة تكلم الناس، وهذه الدابة آية من آيات الله وهي مخالفة لمعهود البشر حيث أنها تتكلم وتخاطب الناس قال الله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون . وفي قوله تعالى: أن الناس كانوا بآياتنا لايوقنون . إشارة إلى أن خروج الدابة يكون عندما يكثر الشر ويعم الفساد، ويكون الخير قلة في ذلك الزمان، قال ابن كثير رحمه الله: وأن ذلك يكون عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الدين الحق، يُخرج الله لهم دابة من الأرض فتكلم الناس على ذلك.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ)). رواه مسلم. وذهب عدد من العلماء إلى أن مكان خروج الدابة يكون من مكة من أعظم المساجد.


[1] الفتح 13/84



الخطبة الثانية





أما بعد:

أيها المسلمون: ومن علامات الساعة الكبرى طلوع الشمس من المغرب، وهذا خلاف ما اعتاده الناس من طلوعها من المشرق، ولكن الذي أطلعها من المشرق قادر على أن يغير مسارها فهو خالقها ومدبر أمرها سبحانه وتعالى. قال الله تعالى: يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانُها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً . روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا آمَنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)).

أيها المسلمون: وإذا طلعت الشمس من مغربها فإنه لايقبل الايمان ممن لم يكن قبل ذلك مؤمناً، كما أنه لاتقبل توبة العاصي، فبعد خروجها يغلق باب التوبة عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)) رواه مسلم.

إن طلوع الشمس من مغربها آية عظيمة يراها كل من كان في ذلك الزمان، فتنكشف لهم الحقائق ويشاهدون من الأهوال ما يلوي أعناقهم إلى الإقرار والتصديق بالله وآياته، وحكمهم في ذلك حكم من عاين بأس الله تعالى، كما قال عز وجل: فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون . قال القرطبي رحمه الله: "قال العلماء: وإنما لاينفع نفساً إيمانها عند طلوع الشمس من مغربها لأنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه كل شهوة من شهوات النفس، وتفتر كل قوة من قوى البدن، فيصير الناس كلهم لإيقانهم بدنو القيامة في حال من حضرة الموت في انقطاع الدواعي إلى أنواع المعاصي عنهم وبطلانها من أبدانهم فمن تاب في مثل هذه الحال لم تقبل توبته كما لا تقبل توبة من حضره الموت". انتهى.

أيها الأحبة: إن طلوع الشمس من المغرب وخروج الدابة يكون متتالياً وربما كما قال بعض العلماء يكون في يوم واحد، وهو اليوم الذي تطلع الشمس فيه من المغرب تخرج الدابة فيه على الناس. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا)) رواه مسلم. ولا يبقى بعد ذلك إلاّ النار التي تخرج من قعر عدن لتحشر الناس إلى محشرهم وبعدها تقوم الساعة.
والاخير



الجزء الرابع والاخير

أشراط الساعة الكبرى 4

ناصر محمد الأحمد

ملخص الخطبة

1- النار التي تحشر الناس إلى أرض المحشر وحال الناس معها 2- أن هذا الحشر غيرالحشر الذي بعد البعث 3- النفخ في الصور وحال الناس عند ذلك 4- ثم تكون بعد نفخة الصعق نفخة البعث 5- صفة حشر الناس وصفة أرض المحشر 6- حال الناس بعد البعث ومايحصل من التغير في الكون.

الخطبة الأولى





أما بعد:

واستكمالاً لما سبق بقي معنا من أشراط الساعة الكبرى النار التي يخرجها الله تعالى من قعر عدن من بحر حضرموت كما جاء في بعض الروايات تحشر الناس إلى محشرهم، وهي آخر علامات الساعة الكبرى، وأول الآيات المؤذنة بقيام الساعة ولا يكون بعدها إلا النفخ في الصور. فإذا خرجت هذه النار انتشرت في الأرض كلها حتى تجمع من في المشرق ومن في المغرب تسوق الناس إلى أرض المحشر. روى الترمذي بسند صحيح عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ستخرج نار من حضرموت قبل القيامة تحشر الناس، فقالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: عليكم بالشام)). ويكون حشر الناس على ثلاثة أفواج: فوج راغبون طاعمون كاسون راكبون وفوج يمشون تارة ويركبون أخرى يعتقبون على البعير الواحد كما ثبت في الصحيحين: اثنان على بعير وثلاثة على بعير وعشرة على بعير. وذلك من قلة الظهر يومئذٍ. والفوج الثالث تحشرهم النار فتحيط بهم من ورائهم وتسوقهم من كل جانب إلى أرض المحشر تقيل معهم النار حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا ومن تخلف أكلته النار. والأرض التي تحشر النار الناس إليها هي أرض الشام كما روى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الشام أرض المحشر والمنشر)). وعند الامام أحمد عن عبدالله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ يَنْحَازُ النَّاسُ إِلَى مُهَاجَرِ إِبْرَاهِيمَ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ إِلَّا شِرَارُ أَهْلِهَا، تَلْفِظُهُمْ أَرَضُوهُمْ تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ تَحْشُرُهُمْ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ تَبِيتُ مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا وَتَأْكُلُ مَنْ تَخَلَّفَ)).

والسبب في كون أرض الشام هي أرض المحشر هو أنه عندما تقع الفتن في آخر الزمان تكون أرض الشام هي محل الأمن والأمان. عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِهِ فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ)) رواه الإمام أحمد بسند صحيح. وقد تقدم أن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان يكون بالشام وبه يكون اجتماع المؤمنين لقتال الدجال.

أيها المسلمون: إن هذا الحشر للناس ليس هو حشر الآخرة، وإنما هذا حشر يكون في الدنيا، وأما الحشر الآخر الذي يكون يوم القيامة فبعد بعث الناس من القبور. قال ابن كثير رحمه الله: فهذه السياقات تدل على أن هذا الحشر هو حشر الموجودين في آخر الدنيا من أقطار الأرض إلى محل الحشر وهي أرض الشام. وهذا كله مما يدل على أن هذا في آخر الزمان حيث الأكل والشرب والركوب على الظهر المُشترى وغيره وحيث تُهلك المتخلفين منهم النار ولو كان هذا بعد نفخة البعث لم يبق موت ولا ظهر يُشترى ولا أكل ولا شرب ولا لبس في العرصات. انتهى.

وأما حشر الآخرة فمختلف فقد جاءت الأحاديث أن الناس مؤمنهم وكافرهم يحشرون حفاة عراة غرلاً بهماً كما بدأنا أول خلق نعيده .

أيها الأحبة: إن هذا الكون العجيب الغريب الذي نعيش فيه، يعج بالحياة والأحياء الذين نشاهدهم والذين لانشاهدهم، وهم فيه في حركة دائبة لاتهدأ ولا تتوقف، وسيبقى حاله كذلك إلى أن يأتي اليوم الذي يهلك الله فيه جميع الأحياء وهو يوم النفخ في الصور، الذي ينتهي بعده الحياة في الأرض والسماء كما قال تعالى: ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وهي نفخة هائلة مدمرة يسمعها المرء فلا يستطيع أن يوصي بشئ ولا يقدر على العودة إلى أهله وخلانه ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصّمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن سرعة هلاك العباد حين تقوم الساعة فقال: ((وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَحَدُكُمْ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا)) رواه البخاري. والنافخ في الصور هو اسرافيل عليه السلام، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه مستعد منذ أن خلقه الله ينتظر أن يؤمر فينفخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن طَرْفَ صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان درّيان)). وأما في هذا الزمان الذي اقتربت فيه الساعة أصبح اسرافيل أكثر استعداداً وتهيؤاً للنفخ في الصور. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ، فينفخ، قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، توكلنا على الله ربنا)). وسيكون النفخ في الصور يوم الجمعة فعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ)). رواه ابوداود. ولما كانت الساعة تقع في يوم الجمعة فإن المخلوقات تكون خائفة مشفقة كل جمعة إلا الإنس والجن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُهْبِطَ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُسِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينَ تُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنْ السَّاعَةِ إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ)). رواه أهل السنن.

أيها المسلمون: ثم يأمر الله تعالى بالنفخة الثانية وهي نفخة البعث، فإذا شاء الحق تبارك وتعالى إعادة العباد وإحياءهم أمر اسرافيل فنفخ في الصور، فتعود الأرواح إلى الأجساد ويقوم الناس لرب العالمين ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وقد وصف المولى جل وتعالى مشهد البعث وتعجب الموتى من ذلك فقال سبحانه: ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون . وقبيل نفخة البعث يُنزل الله مطراً من السماء فتنبت منه أجساد العباد من التراب. وهذا يماثل إنبات النبات من الأرض إذا نزل عليها الماء كما قال تعالى: وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحاباً ثقالاً سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات، كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون ويكون إنبات الإنسان من عظم صغير هو عجب الذنب وهو العظم الصلب المستدير في أصل العجز .عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ، ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ قَالَ وَلَيْسَ مِنْ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) رواه مسلم. ولمسلم أيضاً قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ فِي الْإِنْسَانِ عَظْمًا لَا تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ أَبَدًا فِيهِ يُرَكَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا: أَيُّ عَظْمٍ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَجْبُ الذَّنَبِ)).

وحيثما هلك العباد فإن الله تعالى قادر على الاتيان بهم سواء هلكوا في أجواء الفضاء أو غرقوا في أعماق البحار أو غاروا في طبقات الأرض أو أكلتهم الطيور الجارحة أو الحيوانات المفترسة فكل ذلك عند الله سواء أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعاً إن الله على كل شئ قدير .

وسوف يشمل هذا الحشر حتى البهائم كما قال سبحانه: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون .

أيها المسلمون: ويختلف الخلق بعض الشيء في طبيعة الخلق بعد البعث عما كانوا عليه في الدنيا، فمن ذلك أنهم لايموتون أبداً بعد هذه البعثة، فإما نعيم أبدي وإما عذاب سرمدي، ومن ذلك أنهم يبصرون ما لم يكونوا يبصرونه في الدنيا من الملائكة والجن وغيرهم.

وأول من تنشق عنه الأرض هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

وسيحشر الناس حفاة غير منتعلين عراة غير مكتسين غرلاً غير مختنين. فسألت عائشة رضي الله عنها فقالت: يا رسول الله، الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض)).

وسيبعث كل أحد على الحال التي مات عليها من الايمان أو الكفر، أو اليقين أو الشك، كما يبعث على العمل الذي كان يعمله عند موته. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا أراد الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم)) رواه مسلم. فالذي يموت وهو محرم متلبس بحج أو عمرة يبعث يوم القيامة ملبيا، والشهيد الذي يقتل في أرض المعركة يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك، والذي يموت وهو يقول لا اله الا الله يموت على التوحيد يبعث يوم القيامة ناطقاً بهذه الكلمة الطيبة، ولهذا استحب تلقين الميت لا إله إلا الله. فاحرص يا عبدالله أن تكون دائماً على خير، واحرص أن تكون في غالب أوقاتك في طاعة فإنك لا تدري متى تقبض، وعلى ماذا تقبض. فهنيئاً لمن تخرج روحه وهو يصلي، وهنيئاً لمن يموت وهو صائم ذلك اليوم، وهنيئاً لمن تقبض روحه وهو في طلب علم أو دعوة أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو صلة رحم أو برٍ لوالدين أو أي عمل من أعمال الخير. ويا خسارة من يموت وهو سكران والعياذ بالله أو تقبض روحه وهو متلبس بمعصية أو جالس في مكان لايرضي الله عزوجل أو يموت وهو يشاهد وينظر في أشياء محرمة. فلنتق الله أيها الأحبة ولنعلم بأن الأعمال بالخواتيم.

أيها المسلمون: وسيكون هذا الحشر في أرض أخرى غير هذه الأرض قال الله تعالى: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن صفة هذه الأرض الجديدة التي يكون عليها الحشر فقال كما في حديث سهل بن سعد عند البخاري: ((يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد)). قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: تبدل الأرض أرضاً كأنها الفضة لم يسفك عليها دم حرام، ولم يعمل عليها خطيئة.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ألا يتوفانا إلا ونحن مسلمون.

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه واتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

أقول هذه القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.






الخطبة الثانية





أما بعد:

إن يوم القيامة يوم عظيم، أمره شديد، وهوله جسيم، وصفه الله بأنه يوم عظيم فقال: ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ووصف بأنه ثقيل إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون ورائهم يوماً ثقيلا ووصفه بأنه عسير فذلك يومئذٍ يوم عسير على الكافرين غير يسير .

إنه يوم الرعب والفزع، فالمرضعة تفدي وليدها بنفسها، والحامل تسقط حملها من الرعب، والناس كحال السكارى الذين فقدوا عقولهم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد . وقلوب الظلمة ترتفع إلى حناجرهم فلا تخرج ولا تستقر مكانها وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين . وحسبك أن تعلم بأن الوليد الذي لم يرتكب شيئاً يشيب شعر رأسه من شدة هول ذلك اليوم فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً السماء منفطر به كان وعده مفعولاً . وعندها لايعرف أحدٌ إلا نفسه ولا يلتفت إلى غيره، بل يفر من أحب الناس إليه يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئٍ منهم يومئذٍ شأن يغنيه . ويكون الانسان على استعداد تام لبذل كل شيء في سبيل الخلاص من العذاب حتى لو كان يملك كل ما في هذه الأرض ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به بل لو كان يملك ضعف ما في هذه الأرض لافتدى به والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب بل هو على استعداد على أن يبذل ملء هذه الأرض ذهباً إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين . عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهباً أكنت تفتدي به؟ فيقول نعم. فيقال له: قد كنت سألتك ما هو أيسر من ذلك)). رواه البخاري. بل إن الحال يصل في ذلك اليوم أن يتمنى المجرم لو دفع بأعز الناس إليه في النار لينجو هو من العذاب يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذٍ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تُؤويه ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه كلا إنها لظى .

أيها المسلمون: إن هذا الكون سيصيبه دمار كوني شامل رهيب يصيب الأرض وجبالها، والسماء ونجومها، والفضاء وشمسها وقمرها. فالأرض تُزلزل وتُدك، والجبال تُسيّر وتُنسف، والبحار تُفجّر وتُسجّر، والسماء تَتَشقق وتمور، والشمس تُكور وتذهب، والقمر يُخسف، والنجوم تَنكدر ويذهب ضوؤها، وينفرط عقدها.

فهذه الجبال الراسية القوية الثقيلة تصير كالعهن المنفوش، وهو الصوف المنفوش في خفتها وضعفها وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذٍ وقعت الواقعة ، ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً . وهذه البحار والمحيطات الضخمة التي تغطي الجزء الأعظم من الأرض، وتعيش في باطنها عوالم هائلة من الأحياء، وتتهادى فوقها سفن وبواخر تهبط وتقلع على ظهرها الطائرات، هذه البحار تُفجّر وتُسجّر فيتشقق جوانبها ويزول ما بينها من الحواجز ويختلط مائها العذب بالمالح، ثم تشتعل ناراً، ولك أن تتصور هذه البحار العظيمة الهائلة وقد أصبحت مادة قابلة للاشتعال كيف يكون منظرها واللهب يرتفع منها إلى أجواء الفضاء، فلا إله إلا هو العزيز الحكيم. وهذه السماء الزرقاء الجميلة والتي ينشرح صدر الانسان ويسر قلبه وهو ينظر إليها، هذه السماء تضطرب اضطراباً يوم تمور السماء موراً ثم تتشقق فتصبح ضعيفة واهية وانشقت السماء فهي يومئذٍ واهية وتنفطر إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت ويأخذ هذا اللون الأزرق الجميل يزول ويذهب وتأخذ السماء في التلون فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان . وأما الشمس فإنها تجمع وتكور ويذهب ضوؤها، وكذلك القمر يخسف ويذهب ضوؤه. روى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ: إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت)).

مثـل لنفسـك أيـهـا المغـرور يوم القيامـة والسـماء تمـور

إذ كورت شمس النهـار وأدنيت حتى على رأس العبـاد تسـير

وإذا النجوم تسـاقطت وتناثـرت وتبدلت بعـد الضـياء كـدور

وإذا البحار تفجـرت من خـوفها ورأيتها مثـل الجحـيم تفـور

وإذا الجبـال تقلّعت بأصـولهـا فرأيتها مثـل السـحاب تسـير

وإذا العشـار تعطلت وتخـربت خلت الديار فما بهـا معمـور

وإذا الوحوش لدى القيامة احشرت وتقـول للأمـلاك أين تسيـر؟

وإذا الجليل طوى السـماء بيمينه طـي السجل كتـابه المنشـور

وإذا السماء تكشطت عن أهلهـا ورأيت أفـلاك السـماء تمـور

وإذا الجحيم تسـعرت نيرانـها فلها على أهـل الذنوب زفيـر

وإذا الجنيـن بـأمـه متـعلقٌ يخشى القصاص وقلبه مذعـور

هذا بـلا ذنب يخـاف جنينـه كيف المصّر على الذنوب دهور











نقلا عن زاد الداعي
......انتهى الموضوع




  رد مع اقتباس
رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:54 PM.