نشأتها وأنواعها: يطلق تعبير "كتلة هوائية" على أي حجم ضخم من الهواء يتميز بصفات خاصة تشترك فيها كل قطاعاته، وخصوصًا قطاعاته الأفقية، وتغطي الكتلة الهوائية عادة منطقة شاسعة كما يمتد سمكها إلى ارتفاعات كبيرة. ولكي تنشأ الكتلة الهوائية لا بد أن تتوفر عدة شروط، أهمها أن يبقى الهواء فوق سطح منطقة متجانسة ذات صفات مناخية متميزة تكفي لأن يكتسب هذا الهواء نفس هذه الصفات. ولهذا فإن أصلح المناطق لنشأة الكتل الهوائية هي السهول الواسعة والمحيطات الواقعة في نطاقات الضغط المرتفع التي يكون هواؤها عادة مستقرًّا. ويطلق على هذه المناطق عمومًا اسم مصادر الهواء "Source Regions" لأنها هي التي يتوزع منها هواء الكتل الهوائية إلى المناطق الأخرى. وتتباين الكتل الهوائية فيما بينها تباينًا كبيرًا في صفاتها المناخية، وخصوصًا في درجة حرارة هوائها ورطوبته على حسب طبيعة المناطق التي تنشأ فيها. وعلى هذا الأساس فإن هذه الكتل تقسم عمومًا إلى أربعة أقسام رئيسية هي: 1- كتل هوائية قطبية قارية Polar continental"pc" تنشأ على شمال أوراسيا وشمال أمريكا الشمالية، وتتميز بشدة البرودة والجفاف. 2- كتل هوائية قطبية بحرية polar maritime"pm" تنشأ على شمال المحيطين الأطلسي والهادي، وعلى جنوب المحيطات في نصف الكرة الجنوبي، وتتميز بشدة البرودة وارتفاع نسبة الرطوبة. 3- كتل هوائية مدارية قارية Tropical continental "Tc" وهي تنشأ على السهول والهضاب في العروض المدارية، وتتميز بشدة الحرارة والجفاف، وأهم مناطقها هي الصحراء الكبرى وغيرها من الصحاري والهضاب الواقعة في العروض المدارية وشبه المدارية. كتل هوائية مدارية بحرية Tropical maritime "TM" وهي تنشأ على المحيطات في العروض المدارية، وتتميز بدفء هوائها وارتفاع نسبة الرطوبة به. وبالإضافة إلى الكتل الرئيسية السابقة فإن هناك نوعين متميزين من الهواء، أحدهما يوجد على المحيطات الاستوائية، وتتأثر به بعض السواحل المجاورة ويطلق عليه اسم الهواء البحري الاستوائي maritime Equatorial "ME" والثاني يوجد على مناطق الثلج الدائم في أقصى الشمال وفي القارة القطبية الجنوبية في الجنوب ويرمز له بالرمز "AA" Arctic وفي الشمال Antarctic في الجنوب. 7- 1- 2- استقرار الكتل الهوائية وعدم استقرارها: المقصود باستقرار الكتلة الهوائية هو خلوها من أي اضطرابات جوية، وتوصف في هذه الحالة بأنها مستقرة Stable، أما إذا كانت مصحوبة ببعض الاضطرابات فإنها توصف بعدم الاستقرار Unstable ويحدث الاستقرار عادة إذا انتقل هواء دافئ إلى منطقة سطحها بارد فعندئذ يبرد هذا الهواء من طبقاته السفلى ويميل للهبوط والاستقرار، أما عدم الاستقرار فيحدث إذا انتقل هواء بارد إلى منطقة سطحها دافئ حيث إنه يسخن في طبقاته السفلى وتحدث به تيارات صاعدة يترتب عليها حدوث بعض الاضطرابات الجوية مثل العواصف الترابية والعواصف الرعدية. والعامل الرئيسي الذي يؤدي إلى تحرك الهواء وانتقاله من مصادره إلى مناطق أخرى هو التغيرات التي تطرأ على الضغط الجوي من وقت إلى آخر سواء على نطاق إقليمي واسع أو على نطاق محلي، حيث ينتقل الهواء دائمًا من مناطق الضغط الجوي المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض، وتتوقف سرعته ومدى انتشاره على توزيع مناطق الضغط المختلفة وعلى شدة الضغط الجوي في هذه المناطق. وكثيرًا ما تؤدي تغيرات الضغط إلى انتقال الهواء من مصادره إلى مناطق تبعد عنها عدة آلاف من الكيلو مترات حيث يحمل إليها كل صفاته المناخية تقريبًا، ولكن نظرًا لطول الرحلة فإن هذه الصفات تتعدل ببطء في الطبقات السفلى من الهواء، وخصوصًا إذا مر في أثناء انتقاله على مناطق ذات صفات مختلفة اختلافًا واضحًا عن صفات مناطق نشأته. ويحدث هذا على سبيل المثال إذا مر الهواء القاري الخارج من اليابس على سطح مائي، حيث إنه يحمل بعض الرطوبة التي قد تؤدي إلى تكون الضباب، أو إلى سقوط المطر على المنحدرات التي تقابله. ويتوقف تأثير الهواء على الأحوال الجوية على صفاته الأصلية من ناحية ثم على الفرق بين هذه الصفات وصفات المناطق التي يصل إليها من ناحية ثانية، فإذا كانت درجة حرارته أقل من درجة حرارة هذه المناطق فإنه يسخن في أجزائه السفلى وتحدث به تيارات صاعدة تؤدي إلى حدوث حالة عدم استقرار به ويرمز له بالحرف K، أما إذا حدث العكس وكانت درجة حرارة الهواء أعلى من درجة حرارة المنطقة التي يصل إليها فإنه يبرد في أجزائه السفلى ويميل إلى الاستقرار، ويرمز له بالحرف W. والحرف K هو الحرف الأول من كلمة Kalt الألمانية ومعناها بارد، والحرف w هو الحرف الأول من كلمة Warm ومعناها دافئ. ويوضع أي رمز من هذين الرمزين بجانب الرمزين الأصليين اللذين يبينان النوع الرئيسي للهواء من أجل تحديد صفاته بصورة أوضح، فالهواء المداري القاري المستقر مثلًا يكون رمزه Tcw أما المداري القاري غير المستقر فيكون رمزه Tck وهكذا. 7- 1- 3- أثر الكتل الهوائية في مناخ بعض الأقاليم: تعتبر الكتل الهوائية عاملًا رئيسيًّا من العوامل التي تتحكم في مناخ أي منطقة وفي أحوالها الجوية، ولهذا فقد أصبح من المهم، عند دراسة مناخ أي منطقة معرفة نوع الهواء الذي يؤثر في مناخها والمصادر التي يأتي منها وصفاته المناخية وخصوصًا من حيث درجة الحرارة والرطوبة. ويتوقف تأثير الكتل الهوائية على مناخ الأقاليم المختلفة على عدة عوامل أهمها: موقع الإقليم بالنسبة للمناطق التي تنشأ فيها الكتل الهوائية المختلفة، ثم تغير نظام الضغط الجوي من فصل إلى آخر، فهناك مثلًا أقاليم تخضع طول السنة تقريبًا لتأثير نوع واحد من الكتل الهوائية ولا يكاد يصلها في أي فصل من الفصول أي نوع آخر من الهواء، وينطبق هذا بصفة خاصة على الأقاليم التي تنشأ فيها الكتل الهوائية نفسها، كما هي الحال في الأقاليم القطبية التي تنشأ فيها الكتل المسماة بهذا الاسم، ثم الأقاليم الواقعة في نطاق الضغط المرتفع الدائم وراء المدارين، حيث تنشأ الكتل الهوائية المدارية، وكذلك المناطق المحصورة بين المدارين، وهي المناطق التي تخضع طول السنة تقريبًا لتأثير الكتل الهوائية المدارية. ولكن هناك أقاليم أخرى تتأثر خلال فصل معين من فصول السنة بنوع واحد من الكتل الهوائية ثم تتأثر في فصل آخر بنوع مختلف تمامًا عن النوع الأول، وفي مثل هذه الأقاليم تتغير الأحوال الجوية المناخية تغيرًا كبيرًا من فصل إلى آخر، ولكنها مع ذلك تسير على نظام ثابت تقريبًا خلال كل فصل على حدة ففي شمال الصين مثلًا يتميز فصل الشتاء بوصول هواء قطبي جاف شديد البرودة "CP" مصدره الكتلة الهوائية القطبية القارية التي تنشأ فوق سيبريا أما فصل الصيف فيتميز بوصول هواء مداري بحري "MT" حار رطب مصدره الكتلة الهوائية المدارية البحرية التي تنشأ فوق المحيط الهادي. وهناك غير ذلك أقاليم واقعة في مناطق الصراع بين كتل هوائية مختلفة. ومثل هذه الأقاليم تتعرض في الفصل الواحد أو حتى في الشهر الواحد، لغزو أنواع متباينة من الهواء بحيث لا يستمر كل نوع منها إلا لمدة قصيرة، ثم يتقهقر ليحل محله هواء من نوع آخر، ويترتب على ذلك أن يكون مناخ هذه الأقاليم عرضة للتغير من وقت إلى آخر. وذلك فضلًا عن تعرضه لحدوث كثير من الأعاصير أو المنخفضات الجوية التي تتكون عادة مناطق التقاء الكتل الهوائية المختلفة النشأة والصفات كما سنرى فيما بعد، ويعتبر غرب أوروبا، وخصوصًا البلاد الساحلية والجزر البريطانية، من أحسن الأمثلة لهذا النوع من الأقاليم، ويبدو هذا واضحًا بمجرد النظر إلى الخريطة شكل "34" ففي فصل الشتاء مثلًا قد يتعرض غرب أوربا في أي وقت من الأوقات لوصول هواء مداري دافئ شكل "34" الكتل الهوائية التي تؤثر في مناخ غرب أوروبا سواء من الكتلة القارية فوق شمال إفريقية "CP" أو من الكتلة البحرية المقابلة لها على المحيط الأطلسي "MP" ويؤدي وصول هذا الهواء أو ذاك إلى ظهور حالة دفء غير عادية. وفي نفس هذا الفصل قد يتعرض غرب أوروبا كذلك لغزو هواء قطبي جاف "CT" شديد البرودة من شمال أوراسيا، فيترتب على ذلك حدوث موجات برد قاسية وظهور صقيع شديد يستمر عدة أيام أو أسابيع، أو لغزو هواء قطبي بحري "mp" رطب شديد البرودة أيضًا من الكتل الهوائية التي تنشأ فوق المحيط الأطلسي إلى الشمال من الدائرة القطبية أو فوق جرينلاند، ويلاحظ أن الهواء الواصل من جرينلاند. رغم أنه يكون قاريًّا في أول الأمر، إلا أن مروره على المحيط قبل وصوله إلى سواحل أوروبا يؤدي إلى تحمله ببعض الرطوبة، ويصبح أقرب إلى الهواء البحري منه إلى الهواء القاري. أما في فصل الصيف فإن المناطق الداخلية من كتلة أوراسيا تكون شديدة الحرارة جدًّا، ولهذا فإن الكتل الهوائية التي تنشأ فوقها تكون هي الأخرى شديدة الحرارة، وذلك فضلًا عن أنها تكون شديدة الجفاف. وكثيرًا ما يؤدي وصول هوائها إلى السواحل الغربية لأوروبا إلى حدوث موجات حرارية قاسية جدًّا. وإلى جانب ذلك يتعرض غرب أوروبا في نفس هذا الفصل لوصول هواء قطبي بحري أو قاري يكون غالبًا له تأثير ملطف على درجة الحرارة. وإذا انتقلنا إلى الولايات المتحدة نجد أن ظروفها لا تختلف كثيرًا عن ظروف القارة الأوروبية، وذلك من حيث كونها تتعرض لغزو أنواع متباينة من الهواء، مما يكون سببًا في حدوث تغيرات كثيرة في الأحوال الجوية حتى خلال الفصل الواحد، ففي فصل الشتاء تتعرض البلاد لحدوث موجات برد غاية في القسوة يكون سببها وصول هواء قطبي جاف "cp" من الكتل التي يتكون في شمال كندا، وقد تنخفض درجة الحرارة في أثناء حدوث هذه الموجات إلى أقل من 6 ْمئوية. ورغم أن درجة حرارة هذا الهواء القطبي ترتفع تدريجيًّا كلما ابتعدنا نحو الجنوب فإنه يظل شديد البرودة حتى بعد وصوله إلى سواحل خليج المكسيك، وقد يحدث أن تنخفض درجة الحرارة على هذه السواحل إلى ما دون درجة التجمد، إلا أن حرارة هذا الهواء سرعان ما ترتفع بمجرد خروجه من اليابس ومروره على مياه المحيط. ويطلق اسم البليزارد Blizzard على العواصف القطبية ذات البرودة القاسية التي تتعرض لها كندا والولايات المتحدة، وكثيرًا ما تؤدي هذه العواصف إلى حدوث خسائر مادية كبيرة، كما تؤدي إلى حدوث كثير من الوفيات. أما في فصل الصيف فتتعرض الولايات المتحدة لموجات حرارية شديدة جدًّا يكون سببها هو وصول هواء مداري بحري "MT" من الكتل المدارية البحرية التي تتكون على المحيطين الأطلسي والهادي في نطاق الضغط المرتفع وراء مدار السرطان، وبعض هذه الموجات الحرارية تكون من الشدة بحيث يترتب عليها حدوث بعض الوفيات بين السكان. أما مناخ جمهورية مصر العربية خصوصًا الجزء الشمالي منها فيخضع لتأثير أربعة أنواع مختلفة من الكتل الهوائية التي تصل منها تيارات هوائية ذات صفات خاصة. ويوضح شكل "35" هذه التيارات وهي: أ- تيارات قطبية قارية شديدة البرودة جدًّا مصدرها الكتلة الهوائية القارية في شمال روسيا، وهي تصل إلى مصر عن طريق شبه جزيرة البلقان، وذلك في مؤخرة المنخفضات الجوية الشتوية, ورغم أنها تكون جافة في الأصل فإنها تمتص بعض بخار الماء عند مرورها على البحر المتوسط، كما أن هواءها يسخن تدريجيًّا في طبقاته السفلى لمروره على سطح مياه البحر وسطح مصر الدافئين نسبيًّا، مما يؤدي إلى عدم استقرارها، ويتبع ذلك تكون سحب كثيفة وسقوط بعض الأمطار، وقد تواصل هذه التيارات سيرها نحو الجنوب وتصل أحيانًا إلى السودان حيث تؤدي إلى إثارة زوابع ترابية. ب- تيارات قطبيه بحرية شديدة البرودة تصل إلى مصر في فصلي الخريف والشتاء عن طريق فرنسا ووسط أوروبا وإيطاليا، ويؤدي مرورها على مياه البحر المتوسط الدافئة نسبيًّا إلى عدم استقرارها فتكون سببًا في إثارة العواصف والأمطار في شمال مصر وقد تصل في هبوبها كذلك إلى السودان، ومصدر هذه التيارات هو الكتل الهوائية القطبية التي تنشأ فوق شمال المحيط الأطلسي. شكل "35" الكتل الهوائية التي تؤثر في مناخ مصر ج - تيارات مدارية قارية حارة شديدة الجفاف مصدرها الكتل الهوائية المدارية التي تتكون على الصحراء الكبرى وصحاري شبه الجزيرة العربية، وتصل هذه التيارات إلى شمال مصر في فصل الربيع بصفة خاصة، وذلك في مقدمة المنخفضات الجوية، وهي التي يطلق عليها عادة اسم "الخماسين". د- تيارات مدارية بحرية مصدرها الكتل المدارية البحرية فوق المحيط الأطلسي، وتصل هذه التيارات إلى مصر في فصل الربيع عقب مرور المنخفضات الجوية الخماسينية على شكل رياح غربية باردة نسبيًّا؛ لأن المحيط الأطلسي يكون في هذا الفصل أقل حرارة من البحر المتوسط، ولكنها لا تسبب في غالب الأحيان سقوط أمطار، وإن كانت تظهر معها بعض السحب المنخفضة والزوابع الترابية. المنخفضات الجوية نشأتها ... 7- 2 المنخفضات الجوية 1 ATMOSPHERIC DEPRESSIONS: 7- 2- 1- نشأتها: ذكرنا أن الكتل الهوائية بأنواعها المختلفة لا تبقى في مناطق نشأتها إلا لمدة محدودة، ثم تنتقل بعد ذلك وتهاجر أحيانًا لمسافات بعيدة، ولهذا فكثيرًا ما يحدث أن تلتقي هذه الكتل بعضها ببعض، ويحدث هذا الالتقاء غالبًا على المحيطات. وذلك على طول جبهات تتفق إلى حد كبير مع نطاقات الضغط المنخفض التي تتحرك نحوها الكتل الهوائية من اتجاهات مختلفة. وعندما تلتقي كتلتان مختلفتان في صفاتهما تحدث غالبًا اضطرابات جوية تزداد شدتها إذا كان الاختلاف كبيرًا بين الكتلتين، خصوصًا في درجة الحرارة ونسبة الرطوبة وحركة الهواء في كل منهما، كما يحدث عادة عندما تلتقي الكتل الهوائية المدارية بالكتل الهوائية القطبية، ويؤدي هذا الالتقاء إلى حدوث أعاصير ومنخفضات جوية شديدة العنف في كثير من الأحيان. ويجب أن نلاحظ أنه عندما تلتقي كتلة هوائية قطبية بأخرى مدارية تظل كل منهما محتفظة بمميزاتها وصفاتها ولا يختلط هواء الكتلتين بسهولة، إلا أن الهواء القطبي البارد يحاول دائمًا أن يندفع تحت الهواء المداري الدافئ؛ لأن الهواء البارد يكون دائمًا أعظم كثافة من الهواء الدافئ، ويسمى السطح الذي يفصل بين هواء الكتلتين باسم "سطح الجبهات FRONTAL SURFACE" أو "سطح الانفصال Surface of Separation" فإذا فرضنا أن الأرض ثابتة فإن سطح الانفصال هذا يكون أفقيًّا، بمعنى أن الهواء الدافئ يطفو فوق الهواء البارد، كما يحدث تمامًا عندما يتقابل سائلان مختلفا الكثافة، ولكن بما أن الأرض تدور حول نفسها باستمرار فإن سطح الانفصال يكون مائلًا على المستوى الأفقي بدرجة تتزايد كلما بعدنا عن خط الاستواء ولكنها تبلغ في المتوسط حوالي 1/ 100 أي أن سطح الانفصال يرتفع بمعدل وحدة لكل مسافة قدرها 100 وحدة أفقية، ويوضح شكل "36" بصورة تخطيطية كيف يصعد الهواء المداري الدافئ فوق الهواء القطبي البارد. شكل "36" المراحل المختلفة التي يمر بها المنخفض الجوي والتقاء كتلتين هوائيتين مختلفي النشأة والصفات يمكن تشبيهه بالتقاء جيشين متحاربين على طول جبهة واحدة، فكما يحاول كل جيش أن يقتحم صفوف الجيش الآخر فإن هواء كل كتلة من الكتلتين المتضادتين يحاول باستمرار الاندفاع في منطقة هواء الكتلة الأخرى، إلا أن هواء الكتلة الباردة يظل دائمًا ملاصقًا لسطح الأرض بسبب ثقله النسبي، أما هواء الكتلة الدافئة فيندفع فوق سطح الأرض على شكل موجات، تكون كل موجة منها بمثابة النواة الأولى لأحد المنخفضات الجوية. وتبدأ الموجة صغيرة في أول الأمر ولكنها لا تلبث أن تكبر وتتوغل فوق سطح الانفصال، ويؤدي ذلك إلى تكون منطقة من الضغط المنخفض فوق هذا السطح، فيندفع الهواء البارد نحو هذه المنطقة محاولًا الوصول إلى مركزها وذلك في حركة مضادة في اتجاهها لحركة عقرب الساعة، ولهذا السبب فإن هجومها يكون دائمًا موجهًا إلى مؤخرة الموجة الدافئة، ويطلق على مقدمة الهواء البارد التي تهاجم الموجة الدافئة بهذا الشكل اسم الجبهة الباردة "Cold front" أما مقدمة الموجة الدافئة فيطلق عليها اسم الجبهة الدافئة "Warm front" أما الموجة الدافئة نفسها فيطلق عليها اسم "القطاع الدافئ "warm Sector". ويأخذ المنخفض الجوي بعد بدء تكونه في التحرك من الغرب إلى الشرق إلا أن سرعة تقدم الجبهة الدافئة تكون عادة أقل بحوالي سبعة كيلو مترات في الساعة من سرعة تقدم الجبهة الباردة؛ لأن الهواء الدافئ يضيع بعض الوقت في محاولة الارتفاع فوق الهواء البارد، ويترتب على هذا الفرق في السرعة أن تضيق الموجة الدافئة بالتدريج، ويستطيع الهواء البارد في النهاية أن يعزل القسم المتقدم منها عن الكتلة الدافئة الأصلية، ويحدث ذلك عندما يلتقي الهواء البارد الذي في مقدمة المنخفض الجوي بالهواء البارد الذي في مؤخرته، وانفصال القسم المتقدم من الموجة الدافئة بهذا الشكل يعتبر المرحلة الأخيرة من مراحل المنخفض الجوي، وهي المرحلة التي يطلق عيها اسم "مرحلة الامتلاء Occlusion". وفيها يبدأ الهواء البارد في السيطرة على المنطقة نهائيًّا فيستمر في اندفاعه تحت الجزء المحصور من الهواء الدافئ حتى يطرده إلى أعلى الجو، وبهذا الشكل يتلاشى المنخفض، وقد وضحنا في شكل "37" المراحل المختلفة التي يمر بها المنخفض الجوي حتى يصل إلى أعنف مراحله. ولكن يلاحظ أن هناك نوعين مختلفين من الامتلاء أحدهما دافئ "warm Occlusion" والثاني "Cold Occlusion" ويحدث الامتلاء الدافئ إذا كان الهواء البارد الذي في مقدمة المنخفض أشد برودة من الهواء البارد الذي في مؤخرته، فالذي يحدث عند التقائها هو أن يصعد الهواء الأخير فوق الهواء الأول كما يحدث تمامًا عندما يصعد هواء كتلة دافئة فوق هواء كتلة أخرى، أما الامتلاء البارد فيحدث إذا كان الهواء البارد الذي في مؤخرة المنخفض أشد برودة من الهواء البارد الذي في المقدمة فبدل أن يصعد فوقه، كما يحدث في الامتلاء الدافئ، فإنه يندفع تحته. شكل "37" الامتلاء الدافئ "أ" والامتلاء البارد "ب" شكل "38" صعود الهواء المداري الدافئ فوق الهواء القطبي البارد توزيعها واختلاف بعضها عن بعض ... 7- 2- 2- توزيعها واختلاف بعضها عن تظهر المنخفضات الجوية في مناطق واسعة من العالم، وذلك في العروض المعتدلة، ما بين خطي عرض 35 ْو65 ْفي نصفي الكرة الشمالي والجنوبي وهي العروض التي تسود فيها الرياح الغربية ويكثر فيها تقابل الكتل الهوائية المدارية بالكتل الهوائية القطبية، ولكنها تكثر في بعض الفصول عنها في فصول أخرى، فعلى حوض البحر المتوسط مثلًا نجد أنها تكثر بصفة خاصة في الشتاء والربيع، أما في غرب أوروبا فإنها تكثر في فصلي الشتاء والخريف. ومرور المنخفضات الجوية يسبب عادة حدوث تقلبات فجائية في الطقس فيشتد هبوب الرياح وتسقط الأمطار بغزارة وقد تظهر عواصف الرعد وغير ذلك من التقلبات الجوية التي سنشرحها فيما بعد، ويجب ألا يخلط بين المنخفضات الجوية "أو كما تسمى أحيانًا أعاصير المنطقة المعتدلة" وبين الأعاصير المدارية التي تظهر في المنطقة الحارة ما بين المدارين، والتي سنتكلم عليها فيما بعد. وتتحرك المنخفضات الجوية بعد تكوينها من الغرب إلى الشرق بصفة عامة، ولو أنها قد تغير اتجاه سيرها فجأة أو بالتدريج وتنحرف نحو الشمال الشرقي أو الجنوبي الشرقي، وتبين الخريطة التي في الشكل "39" المسالك الرئيسية التي تتبعها معظم المنخفضات الجوية في المنطقة المعتدلة، وكذلك المسالك التي تتبعها الأعاصير المدارية، وتبين الخريطة شكل "40" المسالك الرئيسية للمنخفضات الجوية على أوروبا وحوض البحر المتوسط. أما السرعة التي تتحرك بها المنخفضات فإنها ليست ثابتة ولكنها تتراوح في المتوسط ما بين 20 و30 كيلو مترًا في الساعة، ولكن قد يحدث في بعض الأحيان أن يتمركز المنخفض الجوي في مكان واحد عدة أيام، وهذا ما يحدث شكل "39" المسالك الرئيسية للمنخفضات الجوية "الخطوط المتصلة" والأعاصير المدارية "الخطوط المقطعة" في العالم مثلًا في بعض المنخفضات الشتوية التي تمر إلى الشمال من مصر في فصل الشتاء، فكثيرًا ما يتمركز أحد هذه المنخفضات على جزيرة قبرص ويبقى ثابتًا في مكانه عدة أيام يكون الجو خلالها في شمال مصر دائم الاضطراب "شكل 41". وتختلف المنخفضات الجوية بعضها عن بعض من حيث الاتساع، فبينما يغطي بعضها منطقة يزيد قطرها على 1500 كليو متر، نجد أن بعضها الآخر يغطي منطقة لا يزيد قطرها على 300 كيلو متر، أما تأثير المنخفض الجوي فقد يظهر في مناطق تبعد كثيرًا عن مركزه، حتى إنه قد يكون سببًا في وصول رياح قطبية باردة إلى المناطق المدارية الحارة، أو وصول رياح حارة من المناطق المدارية إلى الأقاليم الشمالية الباردة، فقد حدث مثلًا في حالات كثيرة أن وصلت إلى شمال إفريقية، بل إلى شمال السودان، رياح شديدة البرودة من وسط وشمال أوروبا، كما وصلت إلى هذه المناطق الأخيرة "وسط وشمال أوروبا" رياح شديدة الحرارة من الصحراء الكبرى. وتختلف المنخفضات الجوية بعضها عن بعض كذلك في العمق، ثم في شدة انحدار الضغط الجوي نحو مركزها، ويدل نظام خطوط الضغط المتساوي التي ترسم حول مركز المنخفض في خرائط الطقس اليومية على عمق المنخفض وشدته فإذا كانت الخطوط متقاربة دل هذا على أن الضغط ينخفض بسرعة في مسافة قصيرة، ومعنى هذا أنه يكون شديد الانحدار نحو المركز، أما إذا كانت الخطوط متباعدة فمعنى ذلك أن انحدار الضغط الجوي نحو المركز يكون بطيئًا. ويتوقف عنف المنخفض الجوي، وشدة اضطراب الجو عند مروره، وسرعة الرياح التي تهب حوله على شدة انحدار الضغط الجوي نحو المركز أكثر من توقفه على عمق المنخفض نفسه، فكلما كان الانحدار شديدًا ازدادت سرعة الرياح المندفعة نحو المركز، كما يحدث للمياه التي تنحدر نحو قاع منخفض أرضي جوانبه شديدة الانحدار، ولكن مع فارق مهم وهو أن المياه تقصد عند انحدارها غالبًا مركز المنخفض الأرضي مباشرة، أما الرياح فإنها تنحرف عند هبوبها نحو مركز المنخفض الجوي لتأخذ اتجاهًا مضادًا لاتجاه حركة عقرب الساعة في نصف الكرة الشمالي ومتفقًا معه في نصفها الجنوبي، فالمنخفض الجوي الذي يتدرج الضغط نحو مركزه من 1013 ملليبارات إلى 1008 ملليبارات في مسافة خمسين كيلو مترًا، يكون أشد عنفًا من منخفض آخر يتدرج الضغط نحو مركزه من 1013 ملليبارات إلى 1007 ملليبارات في مسافة 150 كيلو مترًا أو أكثر وذلك على الرغم من أن الثاني كما هو واضح أعمق من الأول. ويوضح شكل "42" قطاعًا في منخفضين ينحدر الضغط الجوي في أحدهما نحو المركز انحدارًا أشد بكثير من انحداره في الآخر. شكل "42" العلاقة بين عنف المنخفض الجوي وشدة انحدار الضغط الجوي نحو مركزه 5- 2- 3- ظاهرات الطقس التي تصاحب المنخفضات الجوية: لما كانت المنخفضات الجوية تتحرك عمومًا من الغرب إلى الشرق فإن الظاهرات الجوية التي تصاحبها تنتقل معها في نفس الاتجاه، ولهذا فإن القائمين بعمل التنبوءات الجوية في محطة ما يعتمدون في تنبوءاتهم بصفة خاصة على البيانات التي تذيعها المحطات الواقعة إلى الغرب من محطتهم عن الأحوال الجوية وتطوراتها وتسجل هذه البيانات في ساعات معينة يوميًّا على "خرائط الطقس "Synoptic charts" وبواسطة هذه الخرائط يمكن تحديد موقع المنخفض الجوي، كما يمكن معرفة عمقه، وشدة تدرج الضغط الجوي نحو مركزه، وخط سيره، وسرعة تحركه على وجه التقريب. ويمكن بناء على ذلك التنبوء بالتغيرات المنتظره في حالة الجو، إلا أن التنبوءات قد تخطئ أحيانًا لأسباب خارجة عن إرادة المتنبئ الجوي نتيجة لحدوث تغيرات غير متوقعة على المنخفض الجوي أو على خط سيره، فقد يحدث أن يمتلئ المنخفض أو يغير اتجاهه أو يتوقف عن التحرك قبل أن يصل إلى مكان المتنبئ الجوي، وفي مثل هذه الأحوال لا تكون التنبوءات الجوية متفقة مع ما يحدث فعلًا. أما إذا لم تطرأ على المنخفض الجوي تطورات غير متوقعة فإن الأحوال الجوية في الأماكن التي تقع على امتداد خط سيره تتتابع غالبًا بترتيب معروف، ولكنه قد يختلف في بعض التفاصيل باختلاف موقع المكان إلى الجنوب أو إلى الشمال من خط سير المنخفض. ويمكن تقسيم التغيرات التي تطرأ على الجو منذ اقتراب المنخفض ثم مروره وابتعاده إلى خمس مراحل كما يلي: أولًا- مرحلة اقتراب المنخفض، قبل أن يطرأ على الجو أي اضطراب واضح تأخذ درجة حرارة الجو في الارتفاع بينما يأخذ الضغط الجوي في الانخفاض، وتهب الرياح من الشرق ثم تتحول تدريجيًّا إلى جنوبية شرقية، وتكون معتدلة السرعة وجافة أو رطبة على حسب طبيعة المنطقة التي تهب منها، وتظهر في السماء سحب رقيقة متفرقة على ارتفاع كبير، وتكون غالبًا شفافة وناصعة البياض حتى إنها لا تحجب الشمس، وتأخذ عادة شكل أهداب الريش أو القطن المندوف، وكلما اقترب المنخفض تزايدت هذه السحب حتى تتكون منها طبقة رقيقة متصلة تنفذ من خلالها أشعة الشمس وتظهر حول قرصها هالة مستديرة بسبب تكسر الأشعة على بلورات الثلج التي تتكون منها أغلب هذه السحب، وبمرور الوقت وتزايد اقتراب المنخفض يتزايد سمك السحب حتى تحجب أشعة الشمس تمامًا ويتزايد قربها من الأرض. وفي نفس الوقت تتزايد سرعة الرياح ويكن أغلبها جنوبيًّا شرقيًّا أو جنوبيًّا، وتستمر درجة الحرارة في الارتفاع، ويستمر الضغط الجوي في الانخفاض، وقد يسقط مطر خفيف. ثانيًا- مرحلة مرور الجبهة الدافئة، بمجرد وصول هذه الجبهة تتحول الرياح من جنوبية شرقية أو جنوبية إلى جنوبية غربية سريعة. وتستمر درجة الحرارة في ارتفاعها، ويزداد سمك السحب كما يزداد قربها من الأرض وتحتجب بها السماء تمامًا وقد يصاحبها سقوط بعض الأمطار، وتحدث في هذه المرحلة أحيانًا موجات حرارية شديدة إذا ما حدث في فصل الربيع وأوائل الصيف، أما الضغط الجوي فيكون مستمرًا في انخفاضه نجو مركز المنخفض الجوي. وتتوقف رطوبة الجو أو جفافه على طبيعة المنطقة التي تأتي منها الرياح. ثالثًا- مرحلة مرور قلب المنخفض، وهو الذي يقع في قلب الموجة الدافئة التي تنحصر بين الجبهة الدافئة والجبهة الباردة، وفي مركزها يكون الضغط الجوي قد وصل إلى أدناه، أما درجة الحرارة فتظل مرتفعة، وتظل السماء محتجبة بطبقة متصلة سميكة من السحاب، وقد تسقط بعض الأمطار، وتكون الرياح خفيفة في بداية هذه المرحلة ولكنها تسكن تمامًا تقريبًا في أواسطها وقرب نهايتها، ولكنه هو "السكون الذي يسبق العاصفة" على حسب التعبير المشهور؛ إذ إن الجو يدخل بعدها مباشرة في أشد حالاته اضطرابًا. رابعًا- مرحلة مرور الجبهة الباردة، وهي أشد مراحل المنخفض الجوي اضطرابًا، ويحدث الاضطراب عادة بشكل مفاجئ، فما إن تصل الجبهة الباردة حتى تتحول الرياح فجأة من جنوبية غربية إلى شمالية غربية أو شمالية، وتصل إلى أعلى سرعتها، وتتوقف هذه السرعة على عمق المنخفض وشدة انحدار الضغط نحو مركزه، ففي حالة المنخفضات الشتوية العنيفة قد تصل هذه الرياح إلى سرعات يترتب عليها حدوث كثير من التخريب. وبمجرد مرور هذه الجبهة تنخفض درجة الحرارة انخفاضًا فجائيًّا، فإذا حدث ذلك في فصل الشتاء فقد تنخفض درجة الحرارة إلى قرب درجة التجمد أو دونها على حسب موقع المكان، وذلك بسبب وصول هواء قطبي من العروض القطبية، وتتلبد السماء بغيوم داكنة سميكة قريبة من سطح الأرض، وتحدث عواصف رعدية تنهمر في أثنائها الأمطار بغزارة شديدة، وتستمر هذه الاضطرابات بدون انقطاع لفترة تتوقف على سرعة تحرك المنخفض الجوي أو تمركزه. خامسًا- مرحلة ابتعاد المنخفض الجوي: تأتي هذه المرحلة بعد مرور الجبهة الباردة، وفي أثنائها تتناقص شدة الاضطرابات الجوية فتتناقص سرعة الرياح وتتناقص السحب وتتناقص الأمطار تبعًا لذلك وتسقط بشكل زخات متفرقة يزداد تباعدها بمرور الوقت ويصفو الجو تدريجيًّا، ولكن درجة الحرارة تظل مائلة للبرودة لبعض الوقت بينما يأخذ الضغط الجوي في الارتفاع حتى يبتعد المنخفض الجوي نهائيًّا أو يمتلئ وينتهي أثره. ويجب أن نشير مع ذلك إلى أن الظاهرات التي سبق وصفها، على الرغم من أنها تظهر عند مرور معظم المنخفضات الجوية، فإنها تتغير أحيانًا لأسباب طارئة، مما يؤدي إلى حدوث أخطاء في التنبوءات الجوية كما سبق أن بينا، كما أنها قد تختلف من مكان إلى آخر على حسب الموقع بالنسبة لمركز المنخفض الجوي، ويبين شكل "41" اتجاه الرياح على مصر وشرق البحر المتوسط عندما تتمركز منخفض جوي شديد العمق على جزيرة قبرص. الرياح المحلية التي تسببها المنخفضات الجوية مدخل ... 7- 2- 4- الرياح المحلية التي تسببها المنخفضات الجوية: بينا فيما سبق أن هبوب الرياح حول المنخفضات الجوية له نظام خاص قد لا يتمشى مع الدورة الهوائية العامة للرياح فوق سطح الكرة الأرضية، ففي نصف الكرة الشمالي تهب الرياح في مقدمة المنخفض من الاتجاهات الجنوبية بصفة عامة، ولهذا فإنها غالبًا دافئة أو حارة، خصوصًا في نصف السنة الصيفي، أما في مؤخرة المنخفض فتهب الرياح من الشمال، وتكون باردة خصوصًا في نصف السنة الشتوية. وللرياح التي تهب في مقدمة المنخفضات الجوية أو في مؤخرتها أهمية خاصة بالنسبة لبعض المناطق, وذلك على حسب ما تتميز به من صفات خاصة, وما يمكن أن يكون لها من أثر في حياة السكان، ولكل نوع من هذه الرياح أسماء محلية يشتهر بها في المناطق التي يظهر فيها. ففي مصر مثلًا يطلق اسم رياح الخماسين على الرياح الحارة التي تهب في الصحراء في مقدمة المنخفضات الجوية في فصل الربيع، وقد تعبر هذه الرياح البحر المتوسط وتصل إلى جنوب أوروبا حيث يطلق عليها اسم السيروكو، ويطلق اسم رياح الفهن في منطقة جبال الألب على الرياح الدافئة التي تظهر على السفوح الشمالية للجبال، وهي رياح تهب من الجنوب في مقدمة المنخفضات الجوية التي تمر على شمال أوروبا ويطلق اسم المسترال في جنوب فرنسا على رياح شديدة البرودة تهب على وادي الرون من الشمال. وذلك في مؤخرة المنخفضات الجوية التي تغزو البحر المتوسط من الغرب، وتظهر في شبه جزيرة البلقان رياح من نفس نوع المسترال يطلق عليها اسم البورا، ويطلق على جميع هذه الرياح وأشباهها اسم الرياح المحلية "Local Winds" وذلك لأن تأثيرها لا يظهر غالبًا إلا في مناطق محدودة من العالم، فضلًا عن أنها لا تهب إلا في فترات متقطعة ولا يستمر هبوبها أكثر من بضعة أيام كلما توفرت أسباب هبوبها. ويمكننا أن نقسم الرياح المحلية المشهورة التي تسببها المنخفضات الجوية إلى ثلاث مجموعة رئيسية هي: أ- رياح حارة تهب في مقدمة المنخفضات الجوية، ومن أشهر أنواعها رياح الخماسين في مصر والسموم في صحاري شمال إفريقية وبلاد العرب والسيروكو على الساحل الجنوبي لأوروبا. ب- رياح حارة يهب معظمها في مقدمة المنخفضات الجوية، ولكنها لا تظهر إلا في بعض الأقاليم الجبلية حيث تكتسب معظم حرارتها نتيجة لانضغاطها على سفوح الجبال، ومن أهمها رياح الفهن في جبال الألب في أوروبا والشنوك في جبال الروكي بأمريكا الشمالية. ج - رياح باردة تهب في مؤخرة المنخفضات الجوية، ومن أهمها رياح المسترال في حوض الرون، ورياح البورا في شمال البحر الأدرياتي. وفيما يلي وصف مختصر لأهم الرياح المحلية التي تنتمي إلى هذه المجموعات الثلاث: أولًا- المجموعة "أ" "نوع الخماسين": الخماسين: هي رياح صحراوية شديدة الحرارة والجفاف تهب علي القسم الشمالي من مصر في فصل الربيع، وذلك في مقدمة المنخفضات الجوية التي تمر بالقرب من الساحل الشمالي للبلاد في هذا الفصل، وهي تهب من ناحية الجنوب بصفة عامة، ونظرًا لأنها تأتي من الصحراء فإنها كثيرًا ما تكون محملة بالأتربة والرمال. وقد يحدث أن تصل درجة الحرارة في أثناء هبوبها إلى حوالي 45 درجة مئوية ولكنها لا تلبث أن تنخفض بنحو 15 درجة أو أكثر عندما تمر الجبهة الباردة من المنخفض الجوي وتتحول الرياح إلى شمالية أو شمالية غربية. وتعتبر رياح الخماسين من أقسى الظاهرات المناخية التي تشوب مناخ القسم الشمالي من مصر في فصل الربيع. وذلك على الرغم من أنها لا تهب إلا في أيام معدودة. ويعتبر شهر مارس وأبريل أكثر الأشهر تعرضًا لهبوبها ويتضح ذلك من الأرقام الآتية التي تبين متوسط عدد الأيام التي تهب فيها رياح الخماسين في الأشهر المختلفة. فبراير 6، مارس 7، أبريل 7، مايو 5، يونيو 2. السموم: هي صورة أخرى من رياح الخماسين، فهي رياح حارة جافة محملة بالأتربة تهب من الجنوب بصفة عامة وتشتهر بها صحاري بلاد العرب وشمال الصحراء الكبرى في ليبيا وبلاد المغرب، وهي تهب كذلك في مقدمة المنخفضات الجوية، خصوصًا في فصل الربيع. وقد تكون الأتربة التي تحملها من الكثرة بحيث تقلل مدى الإبصار أحيانًا إلى بضع ياردات. وهذه هي نفس الرياح التي تشتهر في ليبيا باسم "القبلي". والسيروكو Sirocco: هي رياح حارة رطبة تهب على جنوب أوربا وخصوصًا على البلقان وإيطاليا من ناحية الجنوب. وهي في الواقع امتداد لرياح الخماسين "أو السموم" التي قد تعبر البحر المتوسط فتحمل عند عبورها كميات كبيرة من بخار الماء. ويكون الجو عند هبوبها حارًّا رطبًا ذا أثر سيئ في النفوس، وقد يتسبب عنها ظهور ضباب كثيف على السواحل. ويكون اتجاهها على إيطاليا جنوبيًّا شرقيًّا في غالب الأحيان. وكلمة سيروكو مأخوذة من كلمة "الشرق" العربية1. الليفاتنو Levanter "أو السولانو Solano": وهي رياح حارة رطبة من نوع السيروكو، تهب من ناحية الشرق على منطقة جبل طارق، وكثيرًا ما يؤدي هبوبها إلى حدوث دوامات في مياه البحر تكون خطرًا على الملاحة، وتظهر هذه الدوامات بصفة خاصة على الجانب الغربي من بوغاز جبل طارق. وقد سميت هذه الرياح بالليفانتر لأنها تهب من الشرق، أي من ناحية الليفانت "Levant" وهو اسم تاريخي يطلق على القسم الشرقي من البحر المتوسط. الهارمتان Harmattan: هي رياح صحراوية شديدة الجفاف. وتهب من الصحراء الكبرى على البلاد الممتدة على طول ساحل غانة في غرب إفريقية ويكون اتجاهها شماليًّا شرقيًّا أو شرقيًّا. ورغم شدة حرارتها وجفافها وما تحمله أحيانًا من أتربة فإن السكان يرحبون بها ويحبونها لأنها تنقذهم ولو لفترة محدودة من الرطوبة الشديدة التي تتميز بها هذه المناطق، وهي على كل حال ذات تأثير حسن على صحة السكان بصفة عامة. ويتفق موسم هبوبها إجمالًا مع أشهر الشتاء والربيع، وكثيرًا ما تحمل مقادير كبيرة من الأتربة التي تنتشر على شكل ضباب يمتد أحيانًا مسافات بعيدة قد تبلغ مئات الكيلو مترات فوق المحيط الأطلسي مما يسبب كثيرًا من الأخطار على الملاحة. البريكفيلدرزBiCKfIeLders: وهي رياح صحراوية حارة معروفة في جنوب شرق أستراليا، وتهب بصفة خاصة في فصلي الربيع والصيف، وذلك في مقدمة بعض المنخفضات الجوية التي تعبر القارة من الغرب إلى الشرق ونظرًا لأنها تهب من الصحراء فإنها تكون محملة بمقادير كبيرة من الأتربة فضلًا عن أنها تكون شديدة الحرارة وقد يستمر هبوبها عدة أيام، ولكنها تختفي فجأة وتحل محلها رياح جنوبية باردة تهب في مؤخرة المنخفض الجوي، ويطلق عليها اسم الجنوبية المندفعة "Southerly Burster" وسنشير إليها فيما بعد مع الرياح الباردة. ثانيًا- المجموعة "ب" "نوع الفهن": الفهن Fohn: تظهر هذه الرياح في الوديان التي توجد في شمال جبال الألب خصوصًا في سويسرة، وهي رياح جنوبية دافئة شديدة الجفاف، تهب في مقدمة بعض المنخفضات الجوية التي تمر على شمال أوروبا، وعند هبوبها ترتفع درجة الحرارة ارتفاعًا سريعًا، ويشتد الجفاف فتنصهر الثلوج التي تغطي منحدرات الجبال بسرعة ينجم عنها أحيانًا حدوث فيضانات خطيرة. وهي تظهر بصفة خاصة في نصف السنة الشتوي. وتختلف مدة هبوبها من بضع ساعات إلى عدة أيام، وهي تبدأ على شكل هبات حارة متقطعة، ولكنها تستمر بعد ذلك في هبوب شديد متواصل لبضع ساعات أو بضعة أيام. ونظرًا لشدة حرارتها وجفافها فإنها تساعد على انتشار الحرائق التي تحدث لأقل الأسباب وذلك فضلًا عن أنها تكون ذات أثر سيئ في نفوس السكان، ولكن رغم هذه المساوئ فإن الفهن لها فوائد اقتصادية عظيمة من أهمها أنها تساعد على نضج الفاكهة التي تزرع في هذه الوديان ومنها التفاح والكمثرى، ويتراوح متوسط عدد الأيام التي تظهر فيها هذه الرياح ما بين 30 و40 يومًا في السنة. وتكتسب الفهن قسمًا كبيرًا من حرارتها نتيجة لانضغاطها عند هبوطها بشدة على المنحدرات الشمالية للجبال. ومما يساعد على سرعة ارتفاع درجة حرارتها عند الهبوط أنها تكون قد فقدت معظم بخار الماء الذي كانت تحمله بالتكثف على المنحدرات الجنوبية. وتكون لهذا السبب جافة نسبيًّا عند هبوطها على المنحدرات الشمالية. الشنوك Chinook: وهي رياح دافئة من نفس الفهن ولها نفس صفاتها تقريبًا، وتظهر على المنحدرات الشرقية لجبال الروكي في الولايات المتحدة وكندا، حيث تعبر الرياح الرطبة الآتية من المحيط الهادي سلاسل هذه الجبال وتنحدر بشدة على جوانبها الشرقية، وهي رياح محبوبة عند الرعاة؛ لأنها تؤدي إلى انصهار الثلوج التي على منحدرات الجبال وقممها فتساعد المياه الناتجة من هذا الانصهار على ظهور المراعي. وموسم هبوب الشنوك هو فصلا الشتاء والربيع، وذلك عند مرور المنخفضات الجوية نحو الشرق، ويكون اتجاهها جنوبيًّا غربيًّا بصفة عامة. سانتا آنا Santa Ana: هي رياح صحراوية حارة شديدة الجفاف تهب على جنوب كاليفورنيا من الصحاري الواقعة إلى الشرق من سلاسل جبال سيرا نيفادا عند مرور أحد المنخفضات الجوية، وقد تحمل معها كثيرًا من الأتربة والرمال، وهي في الحقيقة نوع من الرياح تجمع بين مميزات نوعي الخماسين والفهن، وذلك لأنها فضلًا عن كونها رياحًا حارة بطبيعتها لهبوبها من إقليم صحراوي حار كما هي الحال في الخماسين، فإنها تكتسب مقادير أخرى من الحرارة عند هبوطها بشدة على المنحدرات الغربية لجبال سيرا نيفادا كما يحدث تمامًا لرياح الفهن، وموسم هبوبها هو الشتاء والربيع، وهي تسبب أضرارًا كثيرة للمحصولات، خصوصًا إذا ظهرت في الربيع عندما تكون أشجار الفاكهة قد بدأت تخرج براعمها وتكون الأشجار الصغيرة قد بدأت نموها وإلى جانب ذلك فإنها تسبب مضايقات كثيرة للسكان، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى وادي سانتا آنا الذي تهب على امتداده. ثالثًا- المجموعة "ج" "نوع المسترال": المسترال Mistral: وهي رياح شمالية شديدة البرودة تهب في فصل الشتاء على وادي الرون بسرعة عظيمة تتراوح بين 50 و60 كيلو مترًا في الساعة، ولكنها تصل في بعض الأحيان إلى 100كم في الساعة، وفي هذه الحالة قد ينتج عنها غرق بعض السفن واقتلاع بعض الأشجار، ولهذا السبب نجد أن المنازل في هذا الحوض تبنى بحيث تتجه أبوابها ونوافذها بصفة عامة نحو الجنوب وسبب هبوب المسترال هو ظهور منخفض جوي على القسم الغربي من البحر المتوسط، مما يؤدي إلى اندفاع الرياح الباردة في مؤخرته من داخل قارة أوروبا، ونظرًا لوجود حواجز جبلية مرتفعة تحول بين هذه الرياح وبين الوصول إلى البحر المتوسط فإنها تتجمع في وديان الأنهار المتجهة جنوبًا، ومن أهمها وادي الرون الذي تندفع على طوله بقوة عظيمة، ومما يساعد على ازدياد قوة المسترال أن الهواء الذي يبرد على قمم الجبال المجاورة وجوانبها ينحدر باستمرار نحو قاع الوادي فيضيف هواءً جديدًا إلى هوائها. البورا Bora: ومعناها الشمالية، وهي رياح شديدة البرودة تشبه المسترال وتهب في فصل الشتاء على البحر الإدرياتي من الشمال الشرقي بصفة عامة، ويكون هبوبها غالبًا في أعقاب المنخفضات الجوية التي تمر على شرق البحر المتوسط، وكما هو الحال في المسترال نلاحظ أن البورا تكتسب كثيرًا من قوتها نتيجة لهبوط الهواء الذي يبرد على قمم جبال الألب الدينارية وجوانبها نحو البحر الإدرياتي. الجنوبية المندفعة Southerly Burster: هي رياح جنوبية باردة تهب بصفة خاصة في فصلي الربيع والصيف على ساحل نيو سوث ويلز في جنوب شرق أستراليا، وذلك في أعقاب بعض المنخفضات الجوية التي تعبر أستراليا من الغرب إلى الشرق، ولكن نظرًا لأنها تهب من ناحية البحر فإنها لا تصل في برودتها إلى درجة البورا أو المسترال، ويلاحظ أن هذه الرياح تهب عادة عقب هبوب رياح أخرى حارة تأتي من الشمال في مقدمة المنخفضات الجوية، ويطلق عليها اسم بريكيفلدرز، وقد سبقت الإشارة إليها عند الكلام على الرياح الدافئة. الهبوب HaBooB: ويطلق هذا الاسم على نوع من الزوابع الترابية المشهورة في شمال السودان وفي جنوب البحر الأحمر، وهو في الواقع نوع فريد في بابه من الرياح المحلية وسبب حدوثه، كما يبدو في الوقت الحاضر، هو وصول جبهة إحدى الكتل الهوائية الباردة إلى شمال السودان، فالذي يحدث عندئذ هو أن الهواء البارد يسخن في طبقاته السفلى بسبب مروره على سطح أدفأ منه، ويترتب على ذلك حدوث حالة عدم استقرار في هواء الكتلة الباردة، وما يؤدي إلى نشاط التيارات الهوائية الصاعدة نشاطًا كبيرًا يترتب عليه ارتفاع مقادير كبيرة جدًّا من الأتربة والرمال، التي توجد بكثرة فوق سطح المنطقة، فإذا ما وصلت الرياح الشمالية التي تهب بعد ذلك فإنها تدفع هذه الأتربة والرمال أمامها نحو الجنوب أو الجنوب الشرقي وتلقي بها فوق المدن والقرى التي تصادفها، وكثيرًا ما تستمر سحب الأتربة عالقة بالجو حوالي ثلاثة أيام أو أكثر، ويكون ظهور الهبوب مصحوبًا في بعض الأحيان بسقوط الأمطار وحدوث البرق والرعد ويعتبر شهرا مايو ويونيو الموسم الرئيسي لحدوث هذا النوع من الزوابع. الأعاصير أو العواصف الدوارة الفرق بينها وبين المنخفضات الجوية ... 7- 3: الأعاصير أو العواصف الدوارة 7- 3- 1- الفرق بينها وبين المنخفضات الجوية: تختلف هذه الأعاصير أو كما تسمى أحيانًا بالعواصف المدارية عن المنخفضات الجوية التي تظهر في المنطقة المعتدلة من عدة وجوه، فبينما تظهر المنخفضات الجوية في نطاق الرياح الغربية فإن الأعاصير المدارية تظهر في نطاق الرياح التجارية أو الموسمية أي في المناطق الحارة، وبينما تنشأ المنخفضات الجوية على اليابس والماء على حد سواء فإن الأعاصير المدارية يغلب حدوثها في مناطق معينة من المحيطات ولا تتوغل في اليابس إلا إلى مسافات قصيرة، وبينما يغطي المنخفض الجوي عادة مساحة واسعة جدًّا قد يصل قطرها إلى أكثر من 1500 كيلو متر فإن قطر الإعصار المداري يكون أقل من ذلك بكثير حيث إنه يتراوح ما بين 100 و 250 كيلو مترًا فقط، وبينما تتحرك المنخفضات الجوية دائمًا من الغرب إلى الشرق على وجه الإجمال، فإن الأعاصير المدارية تتحرك عادة من الشرق إلى الغرب، ولو أن خط سيرها ينحرف نحو الشمال في نصف الكرة الشمالي ونحو الجنوب في نصفها الجنوبي، ويلاحظ أخيرًا أن الأعاصير المدارية تكون غالبًا أشد قسوة وأثرًا من المنخفضات الجوية، وكثيرًا ما تؤدي إلى تدمير المباني والمنشآت وحدوث ضحايا في الأنفس وغرق السفن حتى الكبير منها، كما يصحبها تدفق الأمطار بصورة أشد بكثير مما يحدث في المنخفضات الجوية، ويغلب أن يتتابع في أثناء مرور الإعصار حدوث برق ورعد شديدين. ويكون الضغط الجوي في مركز الإعصار شديد العمق جدًّا كما يكون انحداره شديدًا جدًّا كذلك، حتى إن خطوط الضغط المتساوي المرسومة حول المركز تكون على شكل دوائر شديدة التقارب، ويلاحظ أن الهواء في مركز الإعصار يكون ساكنًا تقريبًا وذلك في دائرة قطرها حوالي 30 كيلو مترًا، وهذه الدوائر هي التي يطلق عليها اسم "عين الإعصار" ويدور الهواء حولها ضد عقرب الساعة في نصف الكرة الشمالي ومعه في نصفها الجنوبي، وذلك بسرعة تصل أحيانًا إلى أكثر من 100 عقدة في الساعة. وعند مرور الإعصار على أن مكان يرسم الباروجراف رقم 7 مما يدل على أن الضغط الجوي ينخفض فجأة عند مرور الإعصار، ثم يرتفع فجأة بعد ذلك مباشرة. وتشتهر الأعاصير المدارية في الأقاليم التي تتعرض لها بأسماء مختلفة، منها "الهاريكين Hurricane" في أمريكا و"التيفون Typhoon" في الصين والويلي ويلي "Willy- Willy" في أستراليا. ومن حوادث الأعاصير المشهورة ذلك الإعصار الذي مر على شبه جزيرة فلوريدا في سنة 1926 وقتل بسببه حوالي 1500 شخص بينهم 114 في مدينة ميامي وحدها، وقدرت الخسائر المادية التي نجمت عنه بما يزيد على 15 مليون جنيه، ويبين شكل "43" حالة الضغط الجوي في ذلك الإعصار شكل "43" نظام خطوط الضغط المتساوي في إعصار فلوريدا "18 سبتمبر 1926" ومن أقرب حوادث الأعاصير المفجعة إلى الأذهان فهو ذلك الإعصار الذي أصيبت به المناطق الساحلية من باكستان الشرقية في نوفمبر سنة 1970 وقتل بسببه ما يقرب من نصف مليون شخص، بالإضافة إلى أعداد أكبر بكثير من الجرحى والذين أصبحوا بدون مأوى. وقد زادت سرعة الرياح في هذا الإعصار عن 80 عقدة في الساعة. وطغت مياه البحر على المناطق الساحلية وغرقت جزر بأكملها بكل سكانها، وتشتهر الولايات الهندية المطلة على خليج البنغال بهذا النوع من الأعاصير فلا يكاد يمر عام إلا وتصاب بواحد منها. ومن أقرب حوادث الأعاصير المفجعة إلى الأذهان فهو ذلك الإعصار الذي أصيبت به المناطق الساحلية من باكستان الشرقية في نوفمبر سنة 1970 وقتل بسببه ما يقرب من نصف مليون شخص، بالإضافة إلى أعداد أكبر بكثير من الجرحى والذين أصبحوا بدون مأوى. وقد زادت سرعة الرياح في هذا الإعصار عن 80 عقدة في الساعة. وطغت مياه البحر على المناطق الساحلية وغرقت جزر بأكملها بكل سكانها، وتشتهر الولايات الهندية المطلة على خليج البنغال بهذا النوع من الأعاصير فلا يكاد يمر عام إلا وتصاب بواحد منها. الجنوب، ويكون ذلك ما بين خطي عرض 10 ْو 20 ْتقريبًا في نصفي الكرة. هذه هي الظروف العامة التي جعلت الأجزاء الغربية من المحيطات ما بين خطي عرض 10 ْو20 ْشمالًا وجنوبًا ملائمة لنشأة الأعاصير المدارية، أما في العوامل المباشرة التي تؤدي إلى إثارة هذه الأعاصير فقد اختلفت الآراء في تفسيرها، ولكن الرأي السائد في الوقت الحاضر هو أنها تنشأ نتيجة لتقابل ثلاث كتل هوائية مدارية في مكان واحد، بشرط أن تكون واحدة منها مختلفة عن الكتلتين الأخريين، ويحدث هذا عادة عندما تلتقي كتلة مدارية قارية بكتلة مدارية بحرية في مكان ما يقع على الجهة الاستوائية "انظر شكل 44". 7- 3- 3- خطوط سيرها وتوزيعها: يبين شكل "39" المسالك الرئيسية التي تتبعها الأعاصير المدارية والمنخفضات الجوية في العالم، ومنه يتضح أن الأعاصير المدارية تتجه بصفة عامة من الشرق إلى الغرب، ثم تنحرف نحو الشمال في نصف الكرة الشمالي ونحو الجنوب في نصفها الجنوبي، فإذا ما حدث ووصل بعضها إلى نطاق الرياح الغربية فإنه يتغير اتجاه سيره تغييرًا تامًّا. ويبدأ في التحرك من الغرب إلى الشرق، وعندئذ يتلاشى الإعصار نهائيًّا أو يتحول إلى منخفض جوي عادي من نوع المنخفضات الجوية التي تظهر في المناطق المعتدلة. وعند مقارنة خطوط الأعاصير المدارية بتوزيع مناطق الضغط الجوي العامة على سطح الكرة الأرضية، نلاحظ أن هذه الأعاصير تدور في سيرها غالبًا حول الأطراف الغربية لنطاقات الضغط المرتفع الدائمة فوق المحيطات وهي الأطراف التي تلتقي عندها نطاقات الضغط المذكورة بمناطق الضغط المنخفض التي تتكون في فصل الصيف على كتل اليابس. ورغم أن هذه الأعاصير قد تظهر في أي شهر من شهور السنة فإنها تكثر بصفة خاصة في فصلي الصيف والخريف، وهما الفصلان اللذان يكون فيهما. نطاق الركود الاستوائي أبعد ما يكون عن خط الاستواء شمالًا أو جنوبًا، ولو أن موسم كثرتها قد يتغير نوعًا ما في منطقة عنه في منطقة أخرى. ويلاحظ أن المحيط الأطلسي الجنوبي يكاد يخلو تمامًا من الأعاصير المدارية، وربما كان السبب في ذلك هو أن منطقة الركود الاستوائي على هذا المحيط لا تتزحزح إلى الجنوب من خط الاستواء في أي فصل من فصول السنة نتيجة لقلة مساحة اليابس بالنسبة لمساحة الماء في هذه المنطقة. وفيما يلي أهم المناطق التي تشتهر بأعاصيرها "انظر الجدول رقم 7" 1- بحر الصين: ويبلغ متوسط ما ينتابه من الأعاصير سنويًّا حوالي 22 إعصارًا يحدث معظمها في يوليو وأغسطس وسبتمبر وأكتوبر، ويعتبر سبتمبر أكثر الأشهر تعرضًا لها حيث تبلغ نسبة ما يصيبه منها 19% من المتوسط السنوي. وإن كنا نجد في هذه المنطقة بالذات أن جميع أشهر السنة معرضة لحدوثها. 2- خليج البنغال: وينتابه سنويًّا حوالي عشرة أعاصير يبدأ موسمها في يونيو وينتهي في نوفمبر. وهي تكثر بصفة خاصة في يوليو وأغسطس وتبلغ نسبة مجموع ما يحدث فيهما معًا حوالي 37% من المتوسط السنوي، وتنعدم تقريبًا في يناير وفبراير ومارس. 3- جزر الهند الغربية: ويصيبها حوالي ستة أعاصير في السنة، ويبدأ موسمها في يونيو وينتهي في نوفمبر. وأكثر الأشهر تعرضًا لها هي شهرا سبتمبر وأكتوبر إذ تبلغ نسبة مجموع ما يحدث فيهما حوالي 46% من المتوسط السنوي، أما الفترة التي تنتهي في مايو فتنعدم فيها الأعاصير تمامًا. 4- جنوب المحيط الهندي "إلى الشرق من مدغشقر": ويظهر هنا حوالي ستة أعاصير سنويًّا، يبدأ موسمها في ديسمبر وينتهي في أبريل. تبلغ نسبة ما يحدث منها في فبراير وحده حوالي 29% من المتوسط السنوي. وتختفي الأعاصير تقريبًا فيما بين يونيو وأكتوبر 5- البحر العربي: ويصيبه حوالي إعصارين سنويًّا، واحتمال ظهور الأعاصير هنا له موسمان يبدأ الأول منهما في أبريل وينتهي في يوليو، ويبدأ الثاني في سبتمبر وينتهي في يناير. 6- جنوب المحيط الهادي "حول جزر فيجي وكوينزلاند": وتصيبه في المتوسط إعصاران سنويًّا وأكثر الأشهر تعرضًا لها هي ديسمبر حتى أبريل شكل "44"نشأة الأعاصير المدارية في منطقة التقاء ثلاث كتل هوائية 7- 3- 4- الترنادو ToRNADO يطلق اسم الترنادو على نوعين مختلفين من الأعاصير، يظهر الأول منهما في غرب إفريقية على ساحل غانة بالقرب من خط الاستواء ويطلق عليه عادة اسم الترنادو الإفريقي، وهو ينشأ عندما تلتقي رياح الهارمتان الجافة التي تهب من الصحراء الكبرى في الشمال بالرياح الموسمية الرطبة التي تهب من الجنوب ويكون مصحوبًا ببرق ورعد شديدين وأمطار تنهمر بغزارة متناهية، وكثيرًا ما تتسبب عنه أضرار كثيرة. جدول "7" متوسط عدد الأعاصير المدارية في المناطق المختلفة وتوزيع النسب المئوية لها على أشهر السنة أما النوع الثاني من الترنادو، وهو في الواقع النوع المشهور الذي يقصد غالبًا عند ذكر هذا الاسم، فيظهر في المناطق المعتدلة داخل نطاق بعض المنخفضات الجوية العادية، ويتميز بأنه صغير الحجم جدًّا، فالمنطقة التي يغطيها لا يزيد قطرها في الغالب على 1.5 كيلو متر، وقد ينخفض أحيانًا إلى 100 متر فقط. ورغم صغر حجمه بهذا الشكل فإنه يعتبر أشد أنواع الأعاصير فتكا وتدميرًا، ويرجع ذلك لسببين هما: أولًا- سرعة دوران الهواء حول مركز الإعصار بدرجة لا يزال من المستحيل قياسها، ولكنها تقدر بأكثر من 300 عقدة في الساعة في غالب الأحيان شكل "45" منظر لقمع السحاب ونافورة الماء اللذين يظهران عند مرور الترنادو ثانيًا- انخفاض الضغط الجوي، في وسط الإعصار انخفاضًا غير مألوف ولا يعرف بالضبط مدى هذا الانخفاض، حيث إن الترنادو يزيل كل ما يكون في طريقه من معالم ويدمر كل شيء بما في ذلك أجهزة الرصد، ومن الغريب أنه بينما يدمر الترنادو جميع ما يقع في طريقه من معالم الحياة ومظاهر العمران، فإن هذا التدمير يقتصر عادة على شريط ضيق يزيد عرضه على قطر دائرة الترنادو نفسها، بينما يظل كل ما حولها سليمًا إلى حد كبير. ويغلب أن ينشأ هذا النوع من الأعاصير على اليابس في فصل الربيع والصيف خصوصًا فيما بعد الظهر، وهو يتحرك عادة من الغرب إلى الشرق في خط مستقيم تقريبًا، وذلك بسرعة تتراوح ما بين 20 و40 عقدة في الساعة، ولكنه يتلاشى غالبًا بعد تحركه مسافة 30 كيلو مترا فقط، وإذا مر هذا الإعصار على البحر فإن المياه تضطرب اضطرابًا شديدًا، وقد تخرج من سطح الماء نافورة يصل ارتفاعها أحيانًا إلى أكثر من 50 مترًا وقطرها حوالي 8 أمتار، كما يتدلى من السحاب مخروط طويل يمتد نحو الأرض شكل "45" وظهور هذا المخروط يعتبر دائمًا نذيرًا باقتراب الترنادو، وهاتان الظاهرتان يكثر حدوثهما في خليج المكسيك. وأكثر بلاد العالم تعرضًا لهذا النوع من الأعاصير هي الولايات المتحدة خصوصًا في حوض المسيسبي وهي تنشأ هنا نتيجة لتقابل تيارين من الهواء أحدهما حار رطب يهب من ناحية خليج المكسيك، والثاني بارد جاف يهب من ناحية الشمال.