.
وفي فجر الاثنين 26/12/1988 استيقظت الساعة الخامسة للدراسة , وكان صوت الرياح مخيف وصوت المطر يضرب بقوة على الشبّاك , وعندما نظرت الى الخارج كانت الامطار تنزل بغزارة شديدة والاشجار تكاد تقتلع من شدة الرياح وكان البرد يتساقط مع المطر والشوارع عبارة عن انهار جارية , لم استطع الدراسة لاني جلست عند النافذة استمتع بالمنظر في الخارج , وكنت انتظر اخبار الساعة السابعة صباحاً بفارغ الصبر لاستمع للنشرة الجوية , وبعد سماعها قالوا بانه ونتيجة لاستمرار تدفق الرياح الباردة من اوروبا فقد تشكل منخفض جوي جديد , عمل على تجدد سقوط الامطار , وبان الامطار ستستمر وتكون مصحوبة بالعاصف الرعدية وتساقط البرد والرياح غربية قوية السرعة مع هبات شديدة احياناً ( للعلم فقط , فقد كانت الارصاد في السابق تعطي مسميات لسرعة الرياح ( من الاقل الى الاقوى : خفيفة / معتدلة / نشطة / قوية / شديدة / عاصفة ) ويحتمل تساقط ثلوج خفيفة في المساء على المرتفعات العالية !!! .
المطار لا تزال تنهمر بقوة مع البرد والرعود والرياح عاصفة , وعند الظهر بدأ سقوط الامطار يخف تدريجياً الى ان توقف بشكل نهائي بعد الظهر !! وبدأت الغيوم تتلاشى !! ولكن الرياح الغربية اصبحت اقوى وعاصفة بكل ما تحمل الكلمة من معنى .
نظرت الى الجهة الغربية وكانت السحب الركامية الضخمة تغطي الافق من الجنوب الغربي الى الافق الشمالي ! وكانت تتقدم ببطئ ,وكانت عندي السماء صافية !! وبعد حوالي ساعة اصبحت الغيوم قربية وتكاثرت وبدأ سقوط برد غزير ثم توقف , وظل يتساقط ويتوقف مع الرعود , وعندما سمعت النشرة الجوية الساعة 2:00 العصر قالوا بان المملكة يبقى تحت تأثير بقايا الكتلة الباردة المصاحبة للمخفض الجوي المتمركز الى الشمال من سوريا ! ويحتمل تساقط ثلوج خفيفة في ساعات المساء !! ولكن بعد العصر بدأ سقوط زخات متقطعة من الثلج , وكنت عندما انظر الى مناطق غرب عمان بعد توقف الزخات اراها قد اصبحت بيضاء تقريباً !!! وقلت في نفسي انها نهاية الحالة للاسف , وللمصادفة كان هناك على الراديو برناج يومي اسمه ( اللقاء الفتوح كل يوم حلقة مع دائرة او مؤسسة مختلفة يذاع من الساعة الثالثة الى الرابعة على الهواء مباشرة ) وفي ذلك اليوم كان مع الارصاد الجوية , ومن ضمن الاسئلة التي سألها المذيع عن امكانية الثلوج هذه الليلة , اخبره الضيف ( الراصد الجوي ) بانه لا يوجد بل ثلوج خفيفة على الرتفعات العالية ولن يكون هناك تراكم , وكان الناس يتصلون بالبرنامج وبعضهم كان من صويلح واخبروا مندوب الارصاد المتواجد في استوديو الاذاعة بان الثلوج قد اغلقت الطرق الفرعية في صويلح !!! ولم يعرف الراصد ماذا يجاوب !!
فاضطر المذيع ومنعاً للاحراج للاتصال مع دائرة الارصاد لمعرفة اخر الاخبار , فقال له الراصد الجوي بان التحديثات تشير الى تساقط الثلوج هذه الليلة على المناطق التي يزيد ارتفاعها عن 700 متر ! .
وبالفعل بدأ انتظام سقوط الثلوج بعد المغرب بعد ان كان على شكل زخات , وكان التساقط بشكل متواصل طوال الليل حتى ساعات الفجر , الى ان توقف تماماً في صباح يوم الثلاثاء 27/12/1988 , وكانت عمان تكتسي من شرقها الى غربها باللون الابيض ( وكانت سماكة الثلج في منطقتي سابقاً في شرق عمان على ارتفاع 855 متر بلغ اكثر من 15 سم ) ومناطق غرب عمان اكثر من 25 سم ) وطبعاأ كانت الشوارع كلها مغلقة , وتأجل اول امتحان للتوجيهي في ذلك اليوم الى اليوم قبل الاخير من برنامج الامتحانات , ( ولو ما كان في عطلة في ذلك اليوم كان رسبت في امتحان اللغة العربية لاني ما درست منيح بسبب متابعة هذه الحالة المميزة بالنسبة لي ) .
اسف على الاطالة