الطقس والمناخ فوق المنطقتين القطبيتين
يظل الطقس القطبي وما يصاحبه من برد قارس ورياح عاتية وظلمة ليالي الشتاء التي لا تنتهي رادعاً للباحثين في العصر الحديث وتهديداً لهم. وتوفر المنطقتان القطبيتان عمليات تبريد حاسمة الأهمية لنظامنا المناخي، كما يرتبط الطقس القطبي في نصفي الكرة الأرضية على السواء بالطقس في مناطق نائية تمتد حتى المناطق المدارية. فالغلاف الجوي فوق المسطحات المغطاة بالجليد والثلج له خصائص فريدة وسلسلة هامة من التفاعلات في الثلج والجليد تؤثر على كيمياء الهواء القطبي. ويوفر الشفق في نصفي الكرة الأرضية كليهما لمحة عن العمليات الأرضية المغناطيسية على نطاق الكون في الغلاف الجوي الخارجي.
الطقس والمناخ في المنطقة القطبية الشمالية
يمكن أن يكون لطقس المنطقة القطبية الشمالية آثار هائلة على الطقس والمناخ في نصف الكرة الشمالي. وعلى العكس، فكثير من العواصف في المنطقة القطبية الشمالية تنشأ من الأحوال الجوية الموجودة أصلاً في خطوط العرض المدارية. وهذه التفاعلات في نصف الكرة الأرضية، إلى جانب خصائص المحيطات التحتية، وسطح الجليد والأرض، وبيئة السحب المعقدة، والتقلبات الموسمية المتطرفة في الحرارة والبرودة، تجعل من المنطقة القطبية الشمالية تحدياً يواجه عمليات التنبؤ. ويستخدم الباحثون عمليات رصد السحب والهطول ودرجة الحرارة والرياح، إلى جانب النماذج العددية، لتحسين مهاراتهم على التنبؤ بالظواهر المتطرفة للطقس في المنطقة القطبية الشمالية، مثل الذوبان المفاجئ الذي يحدث في الربيع، وتحركات الجليد البحري الحثيثة، والعواصف الشتوية القاسية. وينقل الغلاف الجوي في المنطقة القطبية الشمالية أيضاً انبعاثات غازات الدفيئة من التربة الصقيعية المتدهورة ويؤثر على توقيت الهطول ونوعه. والمناخ في المنطقة القطبية الشمالية يبدي بالفعل احتراراً شديداً سيؤثر على الأرجح على الطقس والعمليات الكيميائية الهيدرولوجية في الغلاف الجوي في المنطقة القطبية الشمالية.
الطقس والمناخ في المنطقة القطبية الجنوبية
تتسبب الأوضاع الجافة المستقرة في الهضبة العالية في المنطقة القطبية الجنوبية، لاسيما في فصل الشتاء، في جزء من الهواء البارد في الكون، مما يجعل من المنطقة القطبية الجنوبية المصرف الرئيسي للحرارة في نظام المناخ العالمي. وبينما تتدفق كتل الهواء البارد نحو المحيط مبتعدة عن الهضبة، فإنها تولد رياحاً عاتية وتتفاعل مع نظم العواصف الساحلية القوية. والأوضاع السائدة فوق الهضبة والارتباطات المعقدة بالمناطق المدارية هي التي تحدد وتيرة العواصف الساحلية في المنطقة القطبية الجنوبية وشدتها وقوة الرياح فوق المحيط الجنوبي. وهذا الدوران الجوي في المنطقة القطبية الجنوبية يؤثر على عمليات المحيطات مثل تكون الجليد البحري وتيارات أعماق المحيطات. والعمليات التي تجري في التراكم الثلجي في المنطقة القطبية الجنوبية وفي الجليد البحري المحيط بها تسيطر على الكيمياء في طبقات الغلاف الجوي السفلى. ويتطلب تحسين التنبؤات المناخية تمثيل العمليات الجوية في المنطقة القطبية الجنوبية على نحو ملائم.
الترابطات والتنقل على نطاق العالم
إن دوران الغلاف الجوي على نطاق واسع ينقل الهواء الرطب الساخن نحو المنطقتين القطبيتين وينقل أيضاً مجموعة متنوعة من المواد الهبائية والغازية. وهذه المواد، التي تشمل ملوثات عضوية ثابتة وفلزات نزرة من مصادر محلية وبعيدة، تترسب على الأغلب على الأراضي القطبية والمسطحات المائية والثلجية. وتتكثف بعض الملوثات الغازية في الهواء القطبي البارد. وغالباً ما تتراكم حيوياً الملوثات من خلال السلسلة الغذائية القطبية. ويمكن أن تؤثر هذه الملوثات، نظراً إلى استقرارها البيئي وسميتها المحتملة، تأثيراً كبيراً على صحة الأحياء البرية والإنسان. كما تؤثر الرياح ودرجة الحرارة والهطول على كمية الملوثات التي تصل إلى المنطقتين القطبيتين الشمالية والجنوبية. ويمكن لبيئة المنطقة القطبية الجنوبية أن تكون بمثابة قيمة مرجعية عالمية نظراً إلى ضآلة مصادرها المحلية للملوثات. ولعل البيانات الخاصة بالملوثات والسمية، والمستمدة من المنطقة القطبية الشمالية، تمكّن من التنبؤ بالآثار الراهنة والمستقبلية في المنطقة القطبية الجنوبية.
الغلاف الجوي العلوي والخارجي
يحدث في الإستراتوسفير، وهي طبقة تعلو الغلاف الجوي الذي نعيش فيه، في المنطقتين القطبيتين الشمالية والجنوبية دوامات قطبية وثقوب مرتبطة بها في الأوزون القطبي. ويُحتفل بالسنة القطبية الدولية عند ذروة تركز المواد المستنفدة للأوزون في الإستراتوسفير، والناجمة عن الأنشطة البشرية. وقد أدى نفاد الأوزون في الإستراتوسفير في المنطقتين القطبيتين إلى زيادة كبيرة في مقدار الأشعة فوق البنفسجية الضارة التي تصل إلى النظم الإيكولوجية البحرية والبرية في المنطقتين القطبيتين. وتحدث مجموعة متنوعة من العمليات الأرضية الكهربائية والأرضية المغناطيسية، التي تتأثر تأثراً كبيراً بالشمس، في الطبقات الجوية القصوى التي تعلو الإستراتوسفير. ويعطي الشفق المرئي فوق المنطقتين القطبيتين إشارات إلى العمليات الدينامية والمضطربة التي تحدث في هذه الطبقات الخارجية. ويركز الباحثون العاملون في إطار السنة القطبية الدولية، بالتعاون مع السنة الشمسية الفيزيائية الدولية، على الروابط بين نصفي الكرة وعلى الترابطات الإيجابية والسلبية بين العمليات في الغلاف الجوي الخارجي والطقس على سطح الأرض.
النظر إلى الفضاء
توفر الهضبات الموجودة في المنطقتين القطبيتين أفضل مواقع على سطح الأرض لإجراء مجموعة عريضة من عمليات الرصد الفلكي، لما لها من أوضاع جوية جافة وباردة وصافية ومستقرة للغاية. وتشمل الرصدات الفلكية القطبية قياسات للموجات الصغرية الكونية الناجمة عن الانفجار العظيم، واستخدام أجهزة التلسكوب البصري التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء لدراسة تكون المجرات، وأجهزة التلسكوب وأجهزة قياس التداخل على ترددات أخرى لسبر السحب الجزيئية الكثيفة التي تولد فيها النجوم، وقياس البريق الأرضي من القمر لسبر التقلبات في انعكاسية الأرض والناجمة أساساً عن تغير الغطاء السحابي. ويمكّن مرصد النيوترينو الفريد الذي يبلغ حجمه كيلومتر مكعب والموجود تحت الجليد في المحطة القطبية الجنوبية، الباحثين من فتح نطاقات لم تُستكشف بعد لعلم الفلك.
النظر من الفضاء
تقدم عمليات الرصد الساتلية رصدات ضرورية عالية الاستبانة ومتكررة وفي جميع الأحوال الجوية لمناطق قطبية كبيرة غالباً ما يصعب الوصول إليها، لاسيما للجليد البحري وصفائح الجليد. وتتضمن أجهزة الاستشعار التي تحملها السواتل كاميرات ورادارات وأجهزة لرسم خرائط تعمل بالحرارة وكشافات للجاذبية فائقة الحساسية. ويعمل فريق دولي من الباحثين على تحسين العمليات وجمع البيانات بالشكل الأمثل من هذه السواتل وأجهزة الاستشعار لتقديم صورة شاملة وغير مسبوقة للمناطق القطبية خلال السنة القطبية الدولية. والرصدات البشرية للسُحب والشفق انطلاقاً من المحطة الفضائية الدولية ستكمل الرصدات الأرضية والساتلية.
منقوووووووووول
الاخبــــار
رد: الطقس والمناخ في المنطقة القطبية الشمالية والجنوبيه واثارها على الطقس في العالم
العرض العادي
