العواقب البيئية المحتملة لانفجار أنبوبي نورد ستريم تحت مياه بحر البلطيق
تاريخ النشر : 2022-09-30
Possible environmental consequences of a Nord Stream tube explosion under the waters of the Baltic Sea
بقلم: أ.د. عبد الفتاح عبد ربه
أستاذ العلوم البيئية والبحرية بالجامعة الإسلامية - غزة
تمثل خطوط نورد ستريم (Nord Stream Pipelines) الناقل الرئيسي للغاز الطبيعي الروسي (Russian Natural Gas) إلى ألمانيا وبولندا ودول أوروبية أخرى. يعد نورد ستريم 1 أكبر خط أنابيب غاز روسي إلى أوروبا من ناحية الكمية التي تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويا، ويمتد عبر بحر البلطيق (Baltic Sea) من روسيا إلى ألمانيا. أما نورد ستريم 2 فهو خط أنابيب ثان مزدوج بنفس حجم الخط الأول، وتم استكماله في عام 2021 لكن ألمانيا رفضت اعتماد تشغيله بعد اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية. سجل مركز الأبحاث الجيولوجي الألماني قبل أيام اهتزازات تسببت في انفجارات أنبوبي الغاز نورد ستريم اللذين يضخان الغاز الطبيعي تحت مياه بحر البلطيق من روسيا إلى أوربا عبر ألمانيا. جدير بالذكر أنه قبل وقوع عمليات التسريب بأسابيع، حذرت الاستخبارات المركزية الأميركية ( سي آي إيه) الحكومات الأوروبية من هجمات محتملة على خطوط الأنابيب تحت البحر، ويعتقد البعض بأن التسريبات (Leaks) تمثل مستوى جديدا من حرب الطاقة الروسية (Russian Energy War) ضد أوروبا وقد وصفوها بالحرب الهجينة (Hybrid War).
أجمعت المحافل السياسية الأوروبية على أن الانفجارات تحت بحر البلطيق وانهيار خطوط أنابيب الغاز الطبيعي الرئيسية من روسيا إلى ألمانيا كان هجوما متعمدا وعملا تخريبيا بامتياز والهدف الصريح منه هو زعزعة استقرار الطاقة في أوروبا مما حدا البعض بوصف الانفجارات بعملية روسية غير نظيفة ضد الدول الأوروبية. ومهما كانت طبيعة الأحداث، فإن الانفجارات التي حدثت يوم الاثنين (26/9/2022) – رغم أن الخطين كانا متوقفين ولا يعملان – نجم عنها تدفق لغاز الميثان (Methane Gas Flow) بسرعة وبكميات كبيرة ليصعد إلى السطح في المنطقتين الاقتصاديتين الخالصتين للسويد والدنمارك ويتسبب في آثار بيئية عدة.
تلوث البيئة بغاز الميثان (Methane = CH4) لكونه يعتبر من غازات الدفيئة (Greenhouse Gases)، بل يعتبر أحد أقوى غازات الدفيئة وأكثرها ضرراً، التي تساهم في زيادة حرارة الأرض أو ما يسمى بالاحتباس الحراري (Global Warming). يعتبر الميثان ثاني أكبر سبب لتغير المناخ (Climate Change) بعد ثاني أكسيد الكربون (Carbon Dioxide = CO2)، كما تعد انبعاثات غاز الميثان سامة جدا وأخطر من غاز ثاني أكسيد الكربون إذ أن طنا واحدا من الميثان يؤثر على المناخ أكثر من 80 ضعف تأثير ثاني أكسيد الكربون. لقد قدر بعض علماء البيئة كمية الميثان المتسربة بحوالي 115 ألف طن، وهو ما يعادل حوالي 9.6 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. إن صحت هذه التقديرات، فسيكون تسريب هذه الكمية من الميثان هو الأكبر تاريخيا على الإطلاق.
ينتج الأوزون (Ozone = O3) على مستوى الأرض أيضا عن طريق التفاعلات الكيميائية للميثان تحت أشعة الشمس، والتي تضر بصحة الإنسان والنباتات، وهي غازات دفيئة في حد ذاتها.
توقع تأثر أو هلاك الحياة البحرية (Marine Life) ولاسيما الأسماك (Fish) بالتلوث الغازي السام (Toxic Gas Pollution) في البحر على غرار تأثر الحياة البحرية سلبيا بالتلوثات النفطية (Oil Pollution) في البحار.
تخشى منظمة السلام الأخضر الدولية أن الأسماك قد تعلق في أعمدة الغاز المتسرب داخل البيئة البحرية مما قد يؤثر على تنفسها، خاصة أن الميثان لا يذوب بسهولة في مياه البحر.
قد تسبب الانفجارات التي سُجلت قبل حدوث التسريبات بأضرار بليغة بقاع البحر (Sea Floor) والنظام البيئي البحري (Marine Ecosystem).
في العادة، يتسبب تصاعد فقاعات غاز الميثان في اختلال توازن السفن في محيط التسريب مما يهدد سلامتها.
اضطراب سطح البحر إلى مسافة تمتد إلى نحو كيلومتر من الموقع، مما دفع السلطات الدانماركية إلى مطالبة السفن بالابتعاد أكثر من 9 كيلومترات عن موقع التسريب.
خطر اشتعال غاز الميثان – وهو الغاز الأكثر وجودا في الأنبوبين – وحدوث انفجارات على سطح البحر أو في الهواء مما يشكل تهديدا للسفن والملاحة. تجدر الإشارة إلى أن الميثان هو غاز شديد الاشتعال ويتطلب العديد من الاحتياطات. وإلا فقد يؤدي ذلك إلى اندلاع حريق كبير في بحر البلطيق المفتوح.
لا توجد آليات لاحتواء التسريب الناتج من انفجار خطوط الأنابيب، لذلك من المحتمل أن تخرج محتويات الأنابيب بأكملها إلى البيئة وإلى كوكب الأرض وتتسبب بأضرار غير محسوبة حتى الآن