نبذة تاريخية
التاريخ القديم.
نشأ أسلاف الإسكيمو في شمال شرقي آسيا. ويرى معظم العلماء أن الإسكيمو جاءوا إلى ما يعرف اليوم بألاسكا عبر ممر أرضي كان يربط بين آسيا والمنطقة الشمالية من أمريكا منذ ما يقرب من 10,000 عام تقريبًا.
ثم اتجه الإسكيمو من ألاسكا ناحية الشرق، حيث توجد المنطقة القطبية لقارة أمريكا الشمالية.
ويرى الخبراء أن الإسكيمو انتشروا من ألاسكا إلى ما يعرف اليوم بجرينلاند في حركتين كبيرتين.
بدأت الأولى منذ مايقرب من 5,000 سنة.
ومن الجائز أن تكون الثانية قد بدأت منذ أقل من 1,200 سنة تقريبًا.
ولايعرف العلماء بدقة المدة التي استغرقتها كل من الحركتين.
ولكن في الوقت الذي بدأت فيه الحركة الثانية، كانت سلالة الإسكيمو التي قامت بحركة الهجرة الأولى قد انقرضت.
ويُعد هؤلاء الذين قاموا بالهجرة الثانية أسلاف الإسكيمو الذين يعيشون اليوم في كل من جرينلاند وكندا وشمال شرق ألاسكا.
وصول الأوروبيين.
يُعد الفايكنج من أوائل الأوروبيين الذين التقوا بالإسكيمو في جرينلاند بعد وصول الإسكيمو إليها عام 1100م .
ومع بداية القرن السادس عشر الميلادي، بدأ التقاء المكتشفين الأوروبيين بالإسكيمو لأول مرة في المنطقة الشرقية من القطب الشمالي بأمريكا.
أما الروس وبقية المكتشفين الأوروبيين فلم يلتقوا بالإسكيمو إلا في القرن الثامن عشر الميلادي.
وخلال القرن التاسع عشر الميلادي، وفدت أعداد كبيرة من صائدي الحيتان وتجار الفراء الأوروبيين إلى بلاد الإسكيمو.
وبعد ذلك بدأ الإسكيمو في العمل لحساب صائدي الحيتان وتاجروا معهم، فحصلوا منهم على البنادق والذخيرة والحديد والخشب وبضائع أخرى مفيدة.
ولكن الأوروبيين جلبوا معهم بعض الأمراض التي لم يستطع الإسكيمو مقاومتها.
و لذا مات كثير منهم نتيجة هذه الأمراض.
وعلى الرغم من انهيار الصناعة التي قامت على صيد الحيتان في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، فقد راجت تجارة أخرى ألا وهي تجارة الفراء.
ولذلك بدأ كثير من الإسكيمو في صيد الحيوانات بالفخاخ وبيعها لتجار الفراء، وترتب على ذلك زيادة الاتصال بين الإسكيمو والشعوب البيضاء.
وقد أدت هذه الاتصالات إلى حدوث بعض التغيرات في طريقة الحياة.
فعلى سبيل المثال، مكنتهم البنادق ـ التي حصلوا عليها في مقابل الفراء ـ من الصيد بفاعلية أكثر.
غير أنهم استمروا في العيش كما كان يعيش أسلافهم منذ مئات السنين...
الأساليب الجديدة للحياة.
بدأت أساليب الحياة عند الإسكيمو تتطور خلال أوائل القرن العشرين الميلادي وأواسطه.
وقد حدثت هذه التغيرات بصور مختلفة في روسيا وألاسكا وكندا وجرينلاند.
ففي الاتحاد السوفييتي (سابقًا)، سيطرت الحكومة على جماعات الإسكيمو خلال العشرينيات من القرن العشرين الميلادي ووفرت لهم الرعاية الصحية والإسكان والتعليم.
وشجعتهم على إنتاج البضائع للبيع في البلاد.
فعلى سبيل المثال، كان الإسكيمو في سيبريا يرعون حيوان الرنة منذ زمن بعيد بالإضافة إلى صيد الحيوانات.
كما بدأ الإسكيمو أيضًا في بيع أنياب فيل البحر، وكذلك بيع منحوتات العظم والحجر الصابوني ومصنوعات يدوية أخرى.
وفي ألاسكا، أدى الصيد بالبنادق والفخاخ على نطاق واسع إلى انخفاض أعداد هذه الحيوانات إلى حد كبير مع بداية القرن العشرين الميلادي.
وقد أدى ذلك إلى لجوء كثير من الإسكيمو إلى رعي حيوان الرنة الذي قامت بإحضاره حكومة الولايات المتحدة من سيبريا.
وقد أصبح الإسكيمو مواطنين أمريكيين عام 1924م.
وفي أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) عمل كثير من الإسكيمو في القواعد العسكرية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية في ألاسكا.
ولهذا هجروا رعي الرنة تمامًا. وبعد الحرب حصل بعض الإسكيمو على عمل إضافي تمثل في صناعة صيد الأسماك والبناء، وبعض الأعمال الأخرى التي يديرها السكان البيض الذين ازدادت أعدادهم.
ولكن لم يتمكن معظم الإسكيمو من الحصول على وظائف.
وقد أعدت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية برامج لتحسين ظروف الحـياة للإسكيـمو. ورغم هذا، لايزال الكثير منهم يعيشـون في فقر.
وفي كندا، تغير أسلوب حياة الإسكيمو قليلاً في الخمسينيات من القرن العشرين.
حيث تدهورت تجارة الفراء وقلت أعداد حيوان الكاريبو إلى حد كبير، بعد اتباع أسلوب الصيد بالبنادق لسنوات طويلة.
هذه التطورات أدَّت إلى تحول كثير من الإسكيمو إلى جماعات نشأت وتطورت حول مراكز التجارة، ومكاتب الإدارات الحكومية ومواقع الرادار وكنائس البعثات التنصيرية.
واستطاع الإسكيمو العثور على وظائف في أعمال البناء وأعمال أخرى موسمية في هذه المراكز.
ولكن لم تكن هناك أعمال تكفي كل أفراد الإسكيمو.
ولذا اعتمد كثير منهم على المعونات التي تقدمها الحكومة الكندية في مجال الإسكان والمجالات الأخرى.
أما في جرينلاند، فقد بدأ كثير من الإسكيمو في صيد الأسماك للأغراض التجارية إبان أوائل القرن العشرين.
وقد جاءت هذه التطورات نتيجة للتغير في المناخ الذي أدى إلى تدفئة مياه جرينلاند الساحلية، مما دفع الفقمات إلى التوجه نحو الشمال؛ وجذبت هذه المياه الدافئة أسماك القد، والسالمون وأنواعًا أخرى من الأسماك من الجنوب.
كانت جرينلاند مستعمرة دنماركية منذ عام 1380 وحتى 1953م حيث أصبحت مقاطعة دنماركية، وفي الوقت نفسه، أصبح الإسكيمو مواطنين دنماركيين.
وخلال أوائل القرن العشرين الميلادي ومنتصفه، أعدت الحكومة الدنماركية برامج لمساعدة إسكيمو جرينلاند وقد وفرت لهم هذه البرامج تعليمًا محسنًا وإسكانًا ورعاية صحية.
وبالإضافة إلى ذلك عملت الحكومة الدنماركية على تدريب الإسكيمو على وظائف في الصناعة والخدمات وجميع المجالات الأخرى.
الإسكيمو اليوم :
تغير الأسلوب التقليدي للحياة بالنسبة لمعظم الإسكيمو.
فهم يعيشون الآن في بيوت مصنوعة من الخشب بدلاً من بيوت الثلج والأعشاب أو الخيام.
ويلبسون الملابس الحديثة بدلاً من الثياب المصنوعة من جلود الحيوانات.
واستبدلت بقوارب الكياك واليومياك الزوارق ذات المحركات، كما حلت المركبات الثلجية محل الزلاجات الخشبية التي تجرها الكلاب.
وبالإضافة إلى ذلك، حلت النصرانية محل المعتقدات التقليدية للإسكيمو.
وأصبح الإسكيمو اليوم يتنافسون اقتصاديًا مع العالم المعاصر بدلاً من التنافس مع عالم الطبيعة.
وبوجه عام، فقد تكيف إسكيمو جرينلاند وروسيا مع أساليب الحياة الجديدة، بينما يعاني معظم الإسكيمو في ألاسكا وكندا البطالة ومشكلات أخرى نتجت عن اندثار أساليبهم التقليدية في الحياة.
ويُقدر العدد الإجمالي للإسكيمو الذين يعيشون في روسيا وألاسكا وجرينلاند وكندا نحو 120,000 نسمة وقد تضاعف عدد الإسكيمو في المدة من 1950- 1970م، ولايزال عددهم يتزايد بصورة سريعة.
وجاءت هذه الزيادة نتيجة لتحسين الرعاية الصحية وتحسن ظروف المعيشة.
روسيا.
يعيش ما يقرب من 1,200 شخص من الإسكيمو في الطرف الشمالي الشرقي لسيبريا على رعي الرنة وصيد أفيال البحر وحيوانات أخرى كما يعيشون على إنتاج بعض المنحوتات والمصنوعات اليدوية.
وتقدم الحكومة لهم الخدمات كافة كالتعليم والإسكان والخدمات الأخرى.
ألاسكا.
يعيش في ألاسكا ما يقرب من 40,800 شخص من الإسكيمو.
ويشمل هذا العدد ما يقرب من 8,000 من الأليوتيين، وهم جماعة من الإسكيمو سبق لهم العيش في جزر ألوشيان.
ويعيش كثير من الأليوتيين اليوم في شبه جزيرة ألاسكا وجزر ألوشيان أيضًا.
يعيش بعض إسكيمو ألاسكا في المدن، بينما تقطن الأغلبية في مستعمرات صغيرة معتمدين في غذائهم على صيد الحيوانات والأسماك ويعاني الباقون البطالة، وقد يجدون أعمالاً مؤقتة.
ويعتمد الإسكيمو على حكومة الولايات المتحدة في مجال الإسكان والخدمات الأخرى.
وعلى الرغم من أن الحكومة قد وسعت من برامجها التعليمية إلى حد كبير، إلا أن غالبية الشباب لم يكملوا تعليمهم الثانوي.
وهناك واقعتان مَنَحَتا إسكيمو ألاسكا الأمل في حياة أفضل.
ففي عام 1971م، أصدر الكونجرس الأمريكي قانونًا يلزم الحكومة بتوفير 962,5 مليون دولار أمريكي، واستصلاح ما يقرب من 18 مليون هكتار من أراضي ألاسكا لصالح الإسكيمو الأصليين، والأليوتيين، والهنود الأمريكيين.
وقد أصدر الكونجرس هذا القانون استجابة لمطالب الإسكيمو والهنود الذين أخذوا يطالبون بحياة أفضل منذ زمن طويل.
كما استفاد الإسكيمو أيضًا من تطوير حقل النفط الضخم الذي اكتشف في شمالي ألاسكا عام 1968م.
كـندا.
في كندا ما يقرب من 34,800 شخص من الإسكيمو، يعيش أغلبهم في المدن وفي مساكن وفرتها لهم الحكومة.
كما يحصلون منها أيضًا على معونات مادية ورعاية صحية، ومساعدات أخرى.
ولايزال معظم الإسكيمو في كندا لايجدون فرص عمل دائمة. ولمواجهة هذه المشكلة، شجعت الحكومة الإسكيمو على الصيد التجاري للأسماك والحرف اليدوية.
وقد نجحت هذه التنظيمات بوجه خاص في بيع منحوتات الحجر الصابوني التي ذاعت شهرتها على نطاق واسع في كل من كندا والولايات المتحدة.
وقد زادت الفرص التعليمية للإسكيمو في كندا زيادة عظيمة منذ خمسينيات القرن العشرين.
وفي عام 1993م، أجازت الحكومة الكندية مشروعاً لإنشاء منطقة جديدة تضم أكثرية من الإسكيمو.
وبحلول عام 1999م، تم إعادة تقسيم المناطق الشمالية، وخصصت منطقة ننافوت الواسعة للإسكيمو.
جرينلاند.
يقطن جرينلاند ما يقرب من 43,200 شخص من الإسكيمو، ينتمي معظمهم إلى هجين من الإسكيمو والأوروبيين.
ولكن الخبراء يصنفونهم على أنهم من الإسكيمو.
منحت حكومة الدنمارك حكماً ذاتياً لجرينلاند في عام 1979م، مكنّ سكان الجزيرة بمن فيهم الإسكيمو من إدارة شؤونهم الداخلية.
ويعمل معظم إسكيمو جرينلاند داخل المدن في صناعة صيد الأسماك.
أما إسكيمو شمال جرينلاند فهم الوحيدون الذين لايزالون يعيشون على صيد الفقمات بشكل أساسي، كما لايزالون أيضًا يتبعون الكثير من أساليبهم التقليدية في الحياة.
أما التعليم الذي يتلقاه معظم الإسكيمو في جرينلاند فلا يصل إلى مرحلة التعليم الثانوي، ولا تزال الحكومة تقدم لهم خدمات الإسكان والرعاية الصحية والمعونات الأخرى....