عمان – السوسنة -
مع التقدم الكبير في وسائل الاتصال تظهر كثير من الطرق التي لم تكن معهودة في ما مضى من إمكان محادثة الرجال والنساء بعضهم بعضاً، ولم تزل هذه الطرق بمرور الأيام تتطور وتنتقل من طور إلى طور متقدم في تلك الإمكانيات، حتى وصلت إلى ما يُعرف بـ (الشات) و (غرف الدردشة) عن طريق الإنترنت الذي تغري تكلفته الزهيدة بالانسياق في هذا الأمر.
ويحرص الإسلام حرصاً شديداً على نقاء المجتمع وسلامته من كل أسباب الشرور ومظاهرها، وخاصة في جانب الأعراض؛ فما من سبيل يضمن ذلك إلا وقد سلكه وأمـر بسلوكه، ومـا من سبيل يعارض ذلك إلا وقد نهى عـنه.
وقد يكون في استخدام (الشات) سواء كان كتابة باليد أو تكلماً بالصوت بين أفراد الجنس الواحد أي بين رجل يخاطب رجلاً، أو امرأة تخاطب امرأة، نوع من التعارف الذي قد تترتب عليه بعض المصالح، وهذا في دائرة المباح؛ وإن كان هناك احتمال عدم صدق البيانات؛ فقد يكتب بعض الناس بيانات مخالفة لبياناته الحقيقية، وخاصة في خانة الجنس ليوقع الجنس الآخر في مخاطبته.
وأما مخـاطـبـة الرجـل للمـرأة، أو المـرأة للرجـل تكلماً أو كتابة من أجل التعارف بينهما، فالذي يظهر من توجيهات الشرع التي مرت أن هذا لا يجوز، ولو كان كلاماً بريئاً خالياً مما يخدش الحياء أو نحو ذلك؛ فلم تجرِ بذلك عادة بين المسلمين من قديم الزمن، وإنما كان الحديث الذي يمكن أن يحدث بينهما للحاجة وليس للتعارف؛ على أن يكون ذلك وفق ضوابطه كما قال ـ تعالى ـ: {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] .
وبهذا الصدد أصدرت دائرة الافتاء الأردنية فتوى تحت رقم 310 حرمت فيها المحادثة الخاصة بين الشاب والفتاة عبر ما يسمى بـ " الشات " لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث، يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا، ويفتح للشيطان بابا للمعاصي .
وفيما يلي نص الفتوى :
تحرم المحادثة الخاصة بين الشاب والفتاة عبر ما يسمى بـ " الشات "، ولو في أمور عامة ومباحة، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث، يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا، ويفتح للشيطان بابا للمعاصي، فيبدأ الحديث بالكلام المباح، لينتقل بعد ذلك إلى كلام العشق والغرام، وبعدها إلى المواعدة واللقاء، وقد جَرَّت بعض هذه المحادثات على أهلها شرا وبلاءً، فأوقعتهم في العشق المُحرَّم، وقادت بعضهم إلى الفاحشة الكبيرة، والله عز وجل يقول: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) النور/21 ، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ابنَ عمه الفضل بن العباس يحد النظر إلى إحدى النساء، لوى عُنُقَه ليصرفه عن النظر إليها، وقَالَ: ( رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنِ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا ) رواه الترمذي (885) وقال: حسن صحيح. كما جاءت الشريعة بسد الأبواب المفضية إلى الفتنة، فحرمت الخضوع بالقول في محادثة النساء للرجال، ومنعت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية في مكان واحد، بل ونص الفقهاء على المنع من إلقاء الشاب السلام على المرأة الشابة في الطريق، لما يخشى من وقوع الفتنة.
كل ذلك دليل على المنع من هذه المحادثات الخاصة، والمشاركة فيها، فليكن حديث الفتاة مع الفتيات فقط، وحديث الشاب مع الشباب فقط. والله أعلم.
عذرآ اخواني المنتدى الديني لايسمح بموضوع جديد حاليآ