هذا المقال كتبه عبد الهادي راجي المجالي في جريدة الرأي...اكيد العديد منكو قرأوا من قبل بس حبيت احطو بالمنتدى لانو مقال جميل......
نشرة جويّة
يوجد شاب انيق ومهذب يقدّم النشرة الجوية في التلفزيون.. أنا بصراحة يعجبني جداً، فهو لا يتلكأ في الحديث.. ومبتسم دائماً.. (وحشمْ) بمعنى وسيم ناهيك عن أنه لا يرتدي لباساً من نوع شامل 60 ديناراً.. وشامل (60) ديناراً هي أسلوب ابتكرته بعض محلات الملابس في البلد.
ويعني ربطة وبدلة وقميصاً اضافة لحذاء.. بـ (60) ديناراً.
اتابعه باستمرار.. يحاول أن (يطرّي) النشرة بمعنى أن لا يجعلها جامدة.. يقول: درجة الحرارة بالعئبة رح توصل (26).. ولا يكتفي بهذا القدر بل يعلق قائلاً: يعني اللي بدو إيروح ع البحر رح يلئى الجو مناسب كتير للسباحة.
لماذا يركزون في النشرة الجوية على العقبة ومعان والكرك.. الخ أريدها نشرة تفصيلية. كأن يقال: في جبل التاج العظمى (25) والصغرى ر16. أمّا في (حي الونانات - ماركا الجنوبية) فمن المتوقع هطول زخات من البرد.. وفي طلوع المصدار يتوقع أن تهب رياح موسمية حادة.
هذا الشاب هو الوحيد الذي لا يوجد أحد (بعتب عليه) في الإعلام بمعنى أنه لو حرّك منخفضاً من سيبيريا.. فلن يعاتبه أحد، ولو قال بأن درجة الحرارة في العقبة ستصل لـ (27) وزاد في المعدل (7) درجات فلن يلومه أحد بعكس وزير المالية فلو طرح أرقام العجز المالي بالنقصان أو الزيادة.. فسيواجهه مجلس النواب.
وللعلم هو دائماً مبتسم لماذا يغضب أصلاً المنخفضات هي قضية ربانية.. وتختم بكلمة (والله أعلم).. ليس للحكومات علاقة بها.. وهو يستطيع ان ينتقد أي منخفض مثلا لو قال هناك (منخفض بارد وجه) قادم من سيبيريا هل يستطيع أحد يقاضيه بتهمة القدح والذم.. لا طبعاً.. لو قال (الجو مسقّع وما بستحي) هل سيغضب أحد طبعاً لا فتلك حقيقة (الجو مسقّع).
.. لو قال (ستهب رياح ملعونة والدين زمهرير..) فهل للرياح قدرة على مقاضاته.. حتى لو قال ستظهر غيمات عارية في السماء.. او قال سيكون لونها مثل الجبنة.. فهل يعتبر هذا الوصف خدشاً للحياء العام.
الوحيد في الاعلام الذي لا يحاسب ولا يعاقب ضمن قوانين المطبوعات والنشر هو مذيع النشرة الجوية.. اصلاً (ما حدا عتبان عليه)..
ويستطيع ان يصف ابو نصير بأنه بارد.. وان يقول عن (ام السماق) بأنها مسقعّة.. هو الوحيد الذي يتاح له ما لا يتاح لغيره.
لدينا اعلام رسمي واعلام شعبي ولدينا اعلام جوي وهو اعلى سقف في الحرية.. بين كل هؤلاء.
عبدالهادي راجي المجالي